قال أبو شجاع رحمه الله:«وَلَا يَلْحَقُ الْمُخْتَلِعَةَ الطَّلَاقُ»؛ أيْ: لا يَلْحَقُ المختلِعةَ في عِدَّتِها طلاقٌ بلفظٍ صريحٍ، أو كنايةٍ، وكذلك لا يَلْحَقُها إيلاءٌ ولا ظِهارٌ؛ لأنَّها صارتْ أجنبيَّةً بافتداءِ نَفْسِها.
«فَصْلٌ»
في الطَّلَاق
الطَّلاقُ في اللُّغةِ: هو حَلُّ القيدِ، يقالُ: ناقةٌ طالِقٌ؛ أي: مُرْسَلَةٌ ترعى حيثُ شاءتْ.
وفي الاصطلاحِ: هو حَلُّ عَقْدِ النِّكاحِ بلفظِ الطَّلاقِ ونحوِه.
والأصلُ فيه قبْلَ الإجماعِ قولُه تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: ٢٢٩]، وغيرُها من الآياتِ.
وذَكَرَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رضي الله عنه:«أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا»(١).
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَالطَّلَاقُ ضَرْبَانِ: صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ»، الطَّلاقُ نوعانِ: صريحٌ وكنايةٌ، فالصَّريحُ: هو ما لا يَحتملُ ظاهرُه غيرَ الطَّلاقِ، فلو قالَ: لم أنوِ به الطَّلاقَ، لم يُقْبَلْ قولُه، وأمَّا الكنايةُ: فهو ما يَحتملُ الطَّلاقَ وغيرَه، فلو قالَ: لم أنوِ به الطَّلاقَ، قُبِلَ قولُه.
قال أبو شجاع رحمه الله:«فَالصَّرِيحُ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ: الطَّلَاقُ وَالْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ وَلَا يَفْتَقِرُ صَرِيحُ الطَّلَاقِ إِلَى النِّيَّةِ»، وذلك لورودِ
(١) رواه أبو داود (٢٢٨٣)، وابن ماجه (٢٠١٦)، وابن حبَّان (٤٢٧٥)، والحاكم (٢٧٩٧)، وصحَّحه، وأقرَّه الذَّهبي.