للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«فَصْلٌ»

في أحكامِ النَّذر

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالنَّذْرُ يَلْزَمُ فِي الْمُجَازَاةِ عَلَى مُبَاحٍ وَطَاعَةٍ، كَقَوْلِهِ: إِنْ شَفَى اللهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ أَوْ أَصُومَ أَوْ أَتَصَدَّقَ، وَيَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ»، يصحُّ النذرُ وتترتبُ عليه آثارُه ويلزمُ الوفاءُ به إنْ كانَ بالتزامِ فعلِ طاعةٍ مكافأةً على حصولِ أمرٍ مباحٍ محبوبٍ للنفسِ طبعًا؛ من إصابةِ خيرٍ أو دفعِ شرٍّ، كأنْ يقولَ: إنْ شفى اللهُ مريضي فللهِ عليَّ أنْ أصلِّيَ أو أصومَ أو أتصدقَ، فإنْ شفى اللهُ مريضَه لزمَه من ذلك ما يقعُ عليه الاسمُ من صلاةٍ، وأقلُّها ركعتان، أو صومٌ وأقلُّه يومٌ، أو الصدقةُ وهي أقلُّ شيءٍ مما يُتموَّلُ، وهذا كلُّه إذا أَطلقَ ولم يعينْ، فإنْ عيَّنَ عددًا أومقدارًا لزمَه ما عيَّنَهُ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، كَقَوْلِهِ: إِنْ قَتَلْتُ فُلَانًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا»، لا ينعقدُ النَّذرُ في معصيةِ اللهِ، ولا يترتبُ عليه شيءٌ؛ إلا إنْ نوى به اليمينَ فتلزمُه كفارةُ يمينٍ، ودليلُ ذلك حديثُ عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللهَ فَلَا يَعْصِهِ» (١).

وحديثُ عمرانَ بنِ حصينٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ» (٢).


(١) رواه البخاري (٦٣١٨).
(٢) رواه مسلم (١٦٤١).

<<  <   >  >>