للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُتْبِعْهُ بالطَّلاقِ صارَ عائدًا؛ لأنَّ تشبيهَها بالأمِّ يقتضي أن لا يُمسكَها زوجةً، فإن أَمْسَكَها بعدَ الظِّهارِ فقدْ عادَ فيما قالَ، ولَزِمَتْه الكفَّارةُ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالْكَفَّارَةُ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنَ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فِإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ»؛ لقولِه تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٣، ٤].

قال الشَّافعيُّ رحمه الله: «إمساكُ المظاهِرِ عن أن يأكُلَ ستِّينَ يومًا كإطعامِ ستِّينَ مسكينًا ... فذَهبْنا إلى أنَّ إطعامَ المسكينِ مُدُّ طعامٍ، ومكانَ إطعامِ المسكينِ صومُ يومٍ» (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يَحِلُّ لِلْمُظَاهِرِ وَطْؤُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ»؛ لحديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رَجلًا أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، وقد ظاهَرَ من امرأتِه، فَوَقَعَ عليها، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، إني قد ظاهرتُ من زوجتي، فوقعتُ عليها قبلَ أن أكفِّرَ، فقالَ: «وَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللهُ؟!»، قالَ: رأيتُ خَلخالَها في ضوءِ القمرِ، قالَ: «فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللهُ بِهِ» (٢).


(١) «الأُم» (٢/ ٢٠٤)، ويكون المُدُّ من غالِب قوتِ أهلِ البلدِ، وهو يساوي بالوزنِ (٦٠٠) جرامٍ تقريبًا.
(٢) رواه أبو داود (٢٢٢٣)، والترمذي (١١٩٩)، والنسائي (٣٤٥٨)، وابن ماجه (٢٠٦٥)، وقال الترمذي: «هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريب».

<<  <   >  >>