للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦].

ويَحْرُمُ على الزَّوجِ مُساكَنةُ المعتدَّةِ في الدَّارِ التي تَعْتَدُّ فيها ومداخَلتُها؛ لأنَّه يؤدِّي إلى الخَلوةِ، وخَلوتُه بها كخَلوتِه بالأجنبيَّةِ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْإِحْدَادُ وَهُوَ الامْتِنَاعُ مِنَ الزِّينَةِ وَالطِّيبِ»، الإحدادُ في اللُّغةِ: المنعُ، وهو مأخوذٌ من الحَدِّ، ومنه الحدودُ الشَّرعيَّةُ؛ لأنَّها تَمْنَعُ وتَرْدَعُ عن المعصيةِ، ولذلك يُقالُ للبوَّابِ: حدَّادٌ؛ لأنَّه يَمْنَعُ النَّاسَ من الدُّخولِ، وأمَّا الإحدادُ في الاصطلاحِ: فهو المنعُ من الزِّينةِ.

ودليلُ وجوبِ الإحدادِ على من تُوُفِّيَ عنها زوجُها؛ حديثُ أُمِّ حبيبةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» (١).

وحديثُ أمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ» (٢).

وقالت أمُّ عطيَّةَ رضي الله عنها: «كنا نُنْهَى أن نُحِدَّ على ميِّتٍ فوقَ


(١) رواه البخاري (١٢٢١)، ومسلم (١٤٨٦).
(٢) رواه أحمد (٢٦٦٢٣)، وأبو داود (٢٣٠٤)، والنسائي (٣٥٣٥)، وابن حبَّان (٢٠٩٣)، و «الْمُعَصْفَرُ»؛ أيِ: المصبوغُ بالعُصْفُرِ، وهو نبتٌ معروفٌ يُصْبَغُ به، و «الْمُمَشَّقَةُ»؛ أيِ: المصبوغةُ بالمِشْقِ، وهو الطِّينُ الأحمرُ الذي يسمَّى مغرةً، والأمغرُ في الخيلِ: الأشقرُ.

<<  <   >  >>