للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قُلْ»، قال: إنَّ ابني كان عسيفًا على هذا، فزنى بامرأتِه، وإني أُخْبِرْتُ أنَّ على ابني الرَّجمَ، فافتديتُ منه بمائةِ شاةٍ ووليدةٍ، فسألتُ أهلَ العلمِ، فأخبروني أنَّما على ابني جلدُ مائةٍ، وتغريبُ عامٍ، وأنَّ على امرأةِ هذا الرجمَ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ، الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا»، قال: فغدا عليها، فاعترفت، فأمرَ بها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فرُجِمت (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالْمُقَرُّ بِهِ ضَرْبَانِ: حَقُّ اللهِ تعالى، وَحَقُّ الْآدَمِيِّ، فَحَقُّ اللهِ تعالى يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ عَنِ الْإِقْرَارِ بِهِ، وَحَقُّ الْآدَمِيِّ لَا يَصِّحُ الرُّجُوعُ فِيهِ عَنِ الْإِقْرَارِ بِهِ»، المُقَرُّ به من الحقوقِ ضربان: أحدُهما: حقُّ اللهِ تعالى، كحدِّ الردَّةِ، والزِّنا، وشربِ الخمرِ؛ والثَّاني: حقُّ الآدميِّ؛ كحدِّ القَذْفِ.

فحقُّ اللهِ تعالى يصحُّ الرُّجوعُ فيه عن الإقرارِ به؛ لأنَّ مبناه على الدَّرءِ والسَّترِ، ودليلُه حديثُ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لماعزٍ رضي الله عنه عندما اعترفَ بالزِّنا: «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ» (٢).

وفي روايةٍ لجابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما أنَّ ماعزًا رضي الله عنه لما وجدَ مسَّ الحجارةِ فرَّ، فأدركوه ورجَموه حتى مات، فلما أُخبِر بذلك


(١) رواه البخاري (٢١٩٠)، ومسلم (١٦٩٧).
(٢) رواه البخاري (٦٤٣٨).

<<  <   >  >>