للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» (١).

وللقاضي أنْ يُعَرِّضَ له بذلك؛ لما ذُكِرَ في الحديثِ، ولا يقولُ له: ارجع؛ فيكونُ آمرًا له بالكذبِ، وخرجَ بالإقرارِ ما لو ثبتَ بالبيِّنةِ؛ فلا يصحُّ الرُّجوعُ فيه.

وأمَّا حقُّ الآدميِّ فإذا أقر به لا يصحُّ الرُّجوعُ فيه؛ لتعلُّقِ حقِّ المقَرِّ له به.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَتَفْتَقِرُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ إِلَى ثَلَاثَةِ شَرَائِطَ:

١ - الْبُلُوغُ»، فلا يصحُّ إقرارُ مَن هو دونِ البلوغِ ولو كان مُمَيِّزًا؛ لرفعِ القلمِ عنه.

٢ - «وَالْعَقْلُ»، فلا يصحُّ إقرارُ مجنونٍ، ولا مغمًى عليه؛ لامتناعِ تصرُّفِهم.

٣ - «الْاخْتِيَارُ»، فلا يعتدُّ بإقرارِ المكرَه؛ لأنَّ الإكراهَ على الكفرِ مع طمأنينةِ القلبِ بالإيمانِ لا يضرُّ، كما قال الله تعالى: {إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦]؛ فجعل اللهُ سبحانه وتعالى الإكراهَ مُسقِطًا لحكمِ الكفرِ، فلا اعتبارَ للإقرارِ بغيرِه من بابِ أولى.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِنْ كَانَ بِمَالٍ اعْتُبِرَ فِيهِ شَرْطٌ رَابِعٌ وَهُوَ الرُّشْدُ»، فلا يصحُّ إقرارُ السفيهِ بدينٍ، أو إتلافِ مالٍ، أو نحوِ


(١) رواه البخاري (٤٩٧٠)، ومسلم (١٦٩١).

<<  <   >  >>