للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المياهُ، أو قلَّتْ؛ وَعَظَ الإمامُ النَّاسَ وأَمَرَهُم بالتَّوبةِ والصَّدقةِ ومصالَحَةِ مَن كانَ بينهم وبين أحدٍ مِنَ المسْلمينَ عداوةٌ دنيويَّةٌ، ويَأْمُرُهم بالصِّيامِ ثلاثةَ أيَّامٍ، كما نَقَلَه الشَّافعيُّ رحمه الله عن بعضِ أئِمَّةِ السَّلَفِ، فقال: «وَبَلَغَنا عن بعضِ الأئمَّةِ أنَّه كانَ إذا أرادَ أنْ يَسْتَسْقِيَ أَمَرَ النَّاسَ فصاموا ثلاثةَ أيَّامٍ متتابِعَةٍ، وتَقَرَّبوا إلى اللهِ - عز وجل - بما استطاعوا مِن خيرٍ ثمَّ خرَجَ في اليومِ الرَّابعِ فاستسقى بهم، وأنا أُحِبُّ ذلك لهم، وآمُرُهُم أنْ يَخْرُجُوا في اليومِ الرَّابعِ صيامًا مِنْ غيرِ أنْ أُوجِبَ ذلك عليهم، ولا على إمامِهِم» (١).

وكذلك يَخْرُجُونَ في ثيابِ بِذْلَةٍ، وهي ثيابُ المهنةِ والخدمةِ؛ ليَكونوا على هيئةِ السَّائلِ، وعليهم السَّكينةُ في مِشيتِهِم، وكلامِهِم وجلوسِهِم.

يقولُ إسحاقُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ كِنانَةَ: سألتُ ابنَ عبَّاسٍ رضي الله عنهما عن صلاةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الاستسقاءِ، فقال: «خَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم متواضعًا متبذِّلًا متخشِّعًا مترسِّلًا متضرِّعًا، فصلَّى رَكْعَتَيْنِ كما يصلِّي في العيدِ» (٢).

وقالَ عبدُ اللهِ بنُ زيدِ بنِ عاصمٍ الأنصاريُّ رضي الله عنه: «خَرَجَ


(١) «الأُم» (١/ ٢٨٣).
(٢) رواه أحمد (٢٠٣٩)، وأبو داود (١١٦٥)، والترمذي (٥٥٨)، والنسائي (١٥٠٨)، وابن ماجه (١٢٦٦)، وقال الترمذي: «هذا حديثٌ حسنٌ صحيح»، وقولُه: «مترسِّلًا»؛ أي: متأنِّيًا، يقال: ترسَّلَ الرَّجُلُ في كلامِهِ ومَشْيِه إذا لم يُعَجِّلْ، وقولُه: «كما يصلِّي العيدَ»؛ أي: في التَّوقيتِ والكيفيَّةِ، فوقتُها يبدأُ من ارتفاعِ الشَّمسِ قِيدَ رمحٍ إلى الزَّوالِ، ويُكبِّرُ في الرَّكعِة الأولى سبعًا، وفي الثانيةِ خمسًا؛ كما سَبَقَ.

<<  <   >  >>