للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَمَحْزُونُونَ» (١).

فلا بأسَ بالبكاءِ؛ لكنْ مِنْ غَيْرِ نَوْحٍ، وَلا شَقِّ جَيْبٍ؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» (٢).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُعَزَّى أَهْلُهُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِن دَفْنِهِ»؛ لأنَّ قُوَّةَ الحزنِ لا تَزيدُ عليها في الغالبِ، وفي حديثِ أمِّ حبيبةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» (٣).

ولا يُعَزَّى بعدَ ثلاثةِ أيَّامٍ إلَّا لمسافرٍ؛ لأنَّ الحزنَ ينتهي بها غالبًا فلا يُسْتَحْسَنُ تجديدُه، والأَوْلى أنْ تَكونَ بعدَ الدَّفنِ لاشتغالِ أهلِ الميِّتِ بتجهيزِهِ، إلَّا إنِ اشتدَّ حُزْنُهم فتقديمُها أَوْلى مواساةً لهم.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ إِلَّا لِحَاجَةٍ»؛ لحديثِ جابرٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِن قَتلى أُحُدٍ في ثوبٍ واحدٍ، ثمَّ يقولُ: «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟»، فإذا أُشيرَ له إلى أَحَدِهِما؛ قَدَّمَه في اللَّحْدِ، وقال: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى


(١) رواه البخاري (١٢٤١)، ومسلم (٢٣١٥).
(٢) رواه البخاري (١٢٩٤)، و «الجيوب»: جمع جيب، وهو فتحة الثوب من أعلاه؛ ليدخل فيه الرأس.
(٣) رواه البخاري (١٢٢١)، ومسلم (١٤٩٠).

<<  <   >  >>