للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ»؛ لحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ بِلَيْلٍ؛ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ, وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَاتٌ بِلَيْلٍ؛ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، فَلْيَحِلَّ بِعُمْرَةٍ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» (١).

وجاء هَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه يومَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَنْحَرُ هَدْيَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْطَأْنَا الْعِدَّةَ؛ كُنَّا نُرَى أَنَّ هذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: «اذْهَبْ إِلَى مَكَّةَ، فَطُفْ أَنْتَ، وَمَنْ مَعَكَ، وَانْحَرُوا هَدْيًا، إِنْ كَانَ مَعَكُمْ، ثمَّ احْلِقُوا، أَوْ قَصِّرُوا، وَارْجِعُوا، فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا، وَأَهْدُوا، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ» (٢).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا لَمْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ حَتَّى يَأْتِي بِهِ»؛ أي: غيرَ الوقوفِ بعرفةَ، وأمَّا عرفةُ فقد سبقَ حكمُه، فأركانُ الحجِّ لا تُجبرُ بدمٍ، بل يتوقفُ الحجُّ عليها؛ لأنَّ ماهيَّةَ الحجِّ لا تحصُلُ إلا بجميعِ أركانِه، وقد لزِمَه الحجُّ بالشُّروعِ، فلا يتحلَّلُ منه حتى يأتيَ بالأركانِ؛ وغيرُ الوقوفِ بعرفةَ ليس له وقتٌ محدَّدٌ، فيمكنُ الإتيانُ به.


(١) رواه الدارقطني (٢٥١٨)، وقال: «رحمة بن مصعب ضعيف , ولم يأت به غيرُه».
(٢) رواه مالك في «الموطأ» (١١٣٤).

<<  <   >  >>