للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وُصفت به العينُ المُسْلَمُ فيها مع بقيَّةِ شروطِه الآتيةِ في بابِ السَّلَمِ إنْ شاءَ اللهُ تعالى.

٣ - «وَبَيْعُ عَيْنٍ غَائِبَةٍ لَمْ تُشَاهَدْ، فَلَا يَجُوزُ»، بيعُ العينِ الغائبةِ التي لم تُشاهدْ للعاقِدَيْنِ لا يجوزُ؛ لحديثِ أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَصِحُّ بَيْعُ كُلِّ طَاهِرٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ مَمْلُوكٍ»؛ أي: يصحُّ البيعُ إذا تحقَّقت فيه هذه الشُّروطُ، من كونِ المبيعِ طاهرًا، منتفعًا به، مملوكًا، مقدُورًا على تسليمِه.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ عَيْنٍ نَجِسَةٍ، وَلَا مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ»، لا يصحُّ بيعُ عينٍ نجسةٍ، كالخمرِ والخنزيرِ، ولا ما لا منفعةٌ فيه، كالأصنامِ والميتةِ، ونحوِها، يقولُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ عامَ الفتحِ وهو بمكةَ: «إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ»، فقِيل: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ شحومَ الميتةِ، فإنَّه يُطلى بها السفنُ، ويُدهَنُ بها الجلودُ، ويَستصْبِحُ بها النَّاسُ، فقال: «لَا، هُوَ حَرَامٌ»، ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عندَ ذلك: «قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ، إِنَّ اللهَ - عز وجل - لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا أَجْمَلُوهُ، ثمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ» (٢).


(١) روى مسلم (١٥١٣).
(٢) رواه البخاري (٢١٢١)، ومسلم (١٥٨١)، وقولهم: «يُطلَى»؛ أي: يُدهَنُ، و «يستصبح»؛ أي: يجعلونها في مصابيحِهم ويوقدون فتيلًا فيها ليستضيئوا بها، و «قَاتَلَ»؛ أي: لعَنَ، و «شُحُومَهَا»؛ أي: شحومَ الميتيةِ، أو شحومَ البقرِ والغنمِ، كما أخبر الله تعالى بقوله: {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعام: ١٤٦]، و «أجَمَلُوهُ»؛ أي: أذابوه واستخرجوا دُهْنَه.

<<  <   >  >>