للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأصلُ في مشروعيتِها حديثُ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ يَقُولُ: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا» (١).

ومعناه أنَّ اللهَ - تبارك وتعالى - معهما في الحفظِ والرعايةِ والإمدادِ بمعونتِهما في مالِهما وإنزالِ البركةِ في تجارتِهما ما لم يَخُنْ أحَدُهُمَا صاحبَه، فإذا حصلت الخيانةُ نُزِعَتْ البركةُ مِن مالِهما، وفي الحديثِ الحثُّ على التَّشاركِ مع عدمِ الخيانةِ، والتحذيرُ منها.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلِلشَّرِكَةِ خَمْسُ شَرَائِطَ:

١ - أَنْ يَكُونَ عَلَى نَاضٍّ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ»، النَّاضُّ: ما كان نقدًا من الدَّراهمِ والدَّنانيرِ خاصةً.

٢ - «وَأَنْ يَتَّفِقَا فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ»، فلا تصحُّ الشركةُ في الذَّهبِ والدَّراهمِ، ولا في صحاحٍ ومكسَّرةٍ.

٣ - «وَأَنْ يَخْلِطَا الْمَالَيْنِ»؛ أي: يَخلِطَا المالينِ بحيثُ لا يتميَّزانِ.

٤ - «وَأَنْ يَأْذَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ»، بعدِ خلطِ المالينِ يجبُ أنْ يأذنَ كلُّ واحدٍ منهما لصاحبِه في التَّصرُّفِ؛ لأنَّ المالَ المشتركَ لا يجوزُ لأحدِ الشَّرِيكينِ التَّصرفُ فيه إلا بإذنِ صاحبِه، فإذا أَذِنَ له فيه تصرَّفَ بلا ضررٍ؛ فلا يبيعُ كل منهما نسيئةً، ولا بغيرِ نقدِ البلدِ، ولا بغبنٍ فاحشٍ، ولا يسافرُ بالمالِ المشتركِ إلا


(١) رواه أبو داود (٣٣٨٣)، والحاكم (٢٣٢٢)، وصححه، وأقره الذهبي.

<<  <   >  >>