للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو من كبائرِ الذنوبِ، والأصلُ في تحريمِه آياتٌ؛ منها: قولُه تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨].

وأحاديثُ منها: حديثُ أبي بكرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في خطبةِ الوداعِ بمنًى: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا» (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَمَنْ غَصَبَ مَالًا لِأَحَدٍ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ»، مَن غصبَ مالًا لأحدٍ لزِمَه ردُّه على الفورِ لمالكِه ولو غَرِمَ على ردِّه أضعافَ قيمتِه؛ لحديثِ سمُرةَ بنِ جندبٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «عَلَى اليَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ» (٢).

وكذلك يلزمُه أرشُ نقصِه؛ سواءٌ كان النَّقصُ في العَينِ أو في الصِّفةِ، ومثالُ نقْصِ العينِ أنْ يغصِبَ -مثلًا- خُفَّيْنِ قيمتُهما عشرةُ دراهمَ، فيضيعُ أحدُهما أو يتلفُ، وصار قيمةُ الباقِي درهمين؛ فعليه قيمةُ التَّالفِ وهو خمسةٌ، وأَرْشُ النَّقصِ وهو ثلاثةٌ؛ فيلزمُه ثمانيةٌ؛ لأنَّ الأرشَ حصلَ بالتَّفريقِ الحاصلِ عندَه، وأمَّا نقصُ الصِّفةِ فمثالُه أنْ يغصِبَ -مثلًا- دابةً سمينةً فتهزِلَ عندَه؛ فإنَّه يردُّها وأَرْشَ السِّمَن، وكذلك يلزمُه أجرةُ ما غَصَبَهُ مدةَ غَصْبِهِ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ إِنْ كَانَ لَهُ


(١) رواه البخاري (٦٧)، ومسلم (١٦٧٩).
(٢) رواه أحمد (٢٠٠٩٨)، وأبو داود (٣٥٦١)، والترمذي (١٢٦٦)، وابن ماجه (٢٤٠٠)، والحاكم (٢٣٠٢)، وصححه، وأقره الذهبي.

<<  <   >  >>