للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالِاسْتِنْجَاءُ وَاجِبٌ مِنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِالْأَحْجَارِ ثُمَّ يُتْبِعَهَا بِالْمَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْمَاءِ أَوْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يُنْقِي بِهِنَّ الْمَحَلَّ، فَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَالْمَاءُ أَفْضَلُ»، الأفضلُ في الاستنجاءِ أنْ يَكونَ بالأحجارِ ثُمَّ إتباعُها بالماءِ؛ لما رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «نَزَلَتْ هذه الآيةُ في أهلِ قُباءَ: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: ١٠٨]، فَسَأَلَهُم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنَّا نُتْبِعُ الحِجارةَ الماءَ (١).

ويَجوزُ أنْ يَقْتَصِرَ على ثلاثةِ أحجارٍ لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ، فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ» (٢).

وقالَ ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: أتى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الغائطَ فَأَمَرَني أنْ آتِيَهُ بثلاثةِ أحجارٍ، فوجدْتُ حَجَرَيْنِ، والتمستُ الثَّالثَ فلم أَجِدْهُ، فأخذتُ رَوْثةً، فأتيتُه بها، فَأَخَذَ الحَجَرَيْنِ وألقى الرَّوْثةَ، وقال: «هَذَا رِكْسٌ» (٣).


(١) رواه البَزَّار، كما في «كَشْف الأستارِ عن زوائِدِ البَزَّار» (٢٤٧)، وقال الهيثميُّ في «مَجْمَع الزَّوائِد» (١/ ٤٩٨): «رواه البَزَّارُ وفيه محمَّدُ بنُ عبدِ العزيزِ بنِ عمرَ الزُّهريُّ، ضَعَّفَه البخاري والنَّسائيُّ وغيرُهما، وهو الَّذي أشارَ بجَلْدِ مالكٍ».
(٢) رواه أحمد (٢٥٠٥٦)، وأبو داود (٤٠)، والنسائي (٤٤)، والدَّارقُطْنِي (١٤٦)، وقال: «إسنادُه صحيح».
(٣) رواه البخاري (١٥٥)، وقال الحافظ في «الفتح» (١/ ٢٥٨): «(هَذَا رِكْسٌ)؛ بكسر الراء، وإسكان الكاف، قيل: هي لغة في رجس، بالجيم، ويدل عليه رواية ابن ماجه وابن خزيمة في هذا الحديث، فإنها عندهما بالجيم، وقيل: الركس: الرجيع، رد من حالة الطهارة إلى حالة النجاسة، قاله الخطابي وغيره، والأولى أن يقال: رد من حالة الطعام إلى حالة الروث»، وقال ابن الأثير في «النهاية» (٢/ ٢٥٩): «(إِنَّهُ رِكْسٌ)، هو شبيه المعنى بالرجيع، يقال: ركست الشيء وأركسته إذا رددته ورَجَعته».

<<  <   >  >>