والأصلُ في مشروعيتِها من الكتابِ قولُه تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: ٢]، وفي أخذِ اللقطةِ وردِّها على صاحبِها معاونةٌ على البرِّ والتقوَى.
ومن السُّنةِ حديثُ زيدِ بنِ خالدٍ الجُهنيِّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن اللُّقطةِ، الذَّهَبِ، أو الوَرِقِ؟ فقال:«اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ»؛ وسُئل عن ضالَّةِ الإبلِ، فقال:«مَا لَكَ وَلَهَا؟ دَعْهَا؛ فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا، تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا»؛ وسُئل عن الشاةِ، فقال:«خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ»(١).
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَإِذَا وَجَدَ لُقَطَةً فِي مَوَاتٍ أَوْ طَرِيقٍ فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَرْكُهَا، وَأَخْذُهَا أَوْلَى مِنْ تَرْكِهَا إِنْ كَانَ عَلَى ثِقَةٍ مِنَ الْقِيَامِ بِهَا»، إذا وَجَدَ شخصٌ لُقَطَةً في مواتٍ أو طريقٍ، سواء كان هذا الشَّخصُ بالغًا أو غير بالغ، وسواء كان عدلًا أو فاسقًا؛ فله أخذُها أو تركُها؛ ولكنَّ أخذَها أولَى من تركِها إنْ كان الآخِذُ لها
(١) رواه البخاري (٢٢٩٦)، ومسلم (١٧٢٢)، و «الورِق»؛ الفضَّة، و «وِكَاءَهَا»؛ ما يُربَطُ به فمُ الكيسِ ونحوِه، و «عِفَاصَهَا»؛ الوعاءَ الذي تكونُ فيه، و «لَمْ تَعْرِفْ»؛ أي: مالكَها، «فَاسْتَنْفِقْهَا»؛ أي: تَمَلَّكْها، أو استهلِكها، و «لْتَكُنْ»؛ أي: هي أو قيمتُها، «وَدِيعَةً عِنْدَكَ»؛ أي: مضمونةً عليك كالوديعةِ، «فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا»؛ أي: تقوي بخُفِّها على قطعِ الصحراءِ، كما أنها تملأُ كرشَها بما يكفيها أيامًا، «هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ»؛ أي: إمَّا أن تأخذَها أنت، وإما أن يأخذَها غيرُك، وإما أن يأكلَها الذئبُ.