الضربُ الأولُ: حيوانٌ لا يمتنعُ بنفسِه من صغارِ السِّباعِ، كشاةٍ وعجلٍ وفصيلٍ والكسيرِ من الإبلِ والخيلِ ونحوِ ذلك، مما إذا تركه يضيعُ بكاسرٍ من السِّباعِ، أو بخائنٍ من النَّاسِ، فإن وجدَه بمفازةٍ فهو مخيَّرٌ فيه بينَ تملُّكِه ثمَّ أكْلِهِ وغُرْمِ ثَمَنِهِ لمالكِه، أو إمساكِه عندَه والتَّطوعِ بالإنفاقِ عليه، فإنْ لم يتطوَّعْ وأراد الرُّجوعَ فلينفقْ بإذنِ الحاكمِ، فإنْ لم يجدْه أشهدَ على ذلك، أو يبيعُه بثمَنِ مثلِه ويحفظُ ثمنَه لمالكِه، ثمَّ يعرِّفُه ثمَّ يتملَّكُ الثَّمَنَ.
الضربُ الثَّاني: حيوانٌ يمتنعُ بنفسِه من صغارِ السِّباعِ، كذئبٍ ونَمِرٍ وفَهدٍ؛ إمَّا بفضلِ قوةٍ، كالإبلِ والخيلِ والبغالِ والحميرِ، وإمَّا بشدَّةِ عَدْوِه كالأرانبِ والظِّباءِ المملوكةِ، وإمَّا بطيرانِه كالحمامِ، فإنْ وجدَه الملتقطُ في الصحراءِ الآمنةِ تركَه وجوبًا؛ لأنَّه مصونٌ بالامتناعِ من أكثرِ السِّباعِ مستغنٍ بالرَّعيِ إلى أنْ يجدَه صاحبُه لطلبِه له، ولأنَّ طروقَ النَّاسِ فيها لا يعمُّ، وإنْ وجدَه في الحضرِ ببلدةٍ أو قريةٍ أو قريبٍ منهما كان له أخذُه للتَّملُّكِ، وحينئذٍ فهو مخيَّرٌ فيه بينَ الأشياءِ الثَّلاثةِ التي تقدَّمَ ذكرُها في الذي لا يمتنعُ بنفسِه، وهي أنَّه «مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَكْلِهِ وَغُرْمِ ثَمَنِهِ، أَوْ تَرْكِهِ وَالتَّطَوُّعِ بِالإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، أَوْ بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ»، وإنَّما جاز أخذُ هذا الحيوانِ في العمرانِ دونِ الصَّحراءِ الآمنةِ للتَّملكِ؛ لئلَّا يضيعَ بامتدادِ الأيدي الخائنةِ إليه بخلافِ الصحراءِ الآمنةِ فإنَّ طروقَ النَّاسِ بها نادرٌ.
ولا تحلُّ لُقَطَةُ حَرَمِ مكةَ إلا للحفظِ والتَّعريفِ؛ لحديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللهُ لَا يُعْضَدُ