الكفايةِ؛ لأنَّه آدميٌّ محترمٌ، فوجَب حفظُه. وفارَقَ اللقطةَ حيث لا يجبُ لقطُها بأنَّ المغلبَ فيها الاكتسابُ، والنَّفسُ تميلُ إليه. ويجبُ الإشهادُ على اللقيطِ، وإنْ كان اللَّاقطُ ظاهرَ العدالةِ؛ خوفًا من أنْ يسترقَه، وفارقَ الإشهادَ على لقطِ اللُّقطةِ بأنَّ الغرضَ منها المالُ؛ والإشهادُ في التَّصرُّفِ الماليِّ مستحبٌّ، والغرضُ من اللَّقيطِ حفِظُ حُرِّيتِه ونسَبِه، فوجبُ الإشهادُ كما في النِّكاحِ، ويجبُ الإشهادُ -أيضًا- على ما معه تبعًا، ولئلَّا يتملَّكَه اللَّاقطُ، فلو تركَ الإشهادَ لم تثبتْ له ولايةُ الحفظِ، وجاز نزعُه منه، وإنَّما يجبُ الإشهادُ على اللَّاقطِ بنفسِه، أمَّا مَن سلَّمَه له الحاكمُ فالإشهادُ مستحَبٌّ.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَلَا يُقَرُّ إِلَّا فِي يَدِ أَمِينٍ»، لا يُتركُ اللَّقيطُ إلَّا في يدِ أمينٍ، وهو الحُرُّ الرَّشيدُ العدلُ، فلو لقطَه غيرُه مِمَّنْ به رِقٌّ أو كفْرٌ أو فُسوقٌ لم يصحَّ، ويجبُ أنْ يُنزعَ منه؛ لأنَّ حقَّ الحضانةِ ولايةٌ، وليس هو من أهلِها، ولو ازدحمَ اثنانِ أهلانِ لِلَّقْطِ على لقيطٍ قَبْلَ أخْذِه بأنْ قال كلٌّ منهما: أنا آخذُه عَيَّنَ الحاكمُ مَن يراه، ولو مِن غيرِهما، وإنْ لقطَاهُ معًا قُدِّم غنيٌّ على فقيرٍ؛ لأنَّه قد يُواسيه ببعضِ مالِه، فإنِ استويَا أقرعَ بينهما.
قال أبو شجاع رحمه الله:«فَإِنْ وُجِدَ مَعَهُ مَالٌ أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَالٌ فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ»، إنْ وُجِدَ مع اللَّقيطِ مالٌ عامٌّ كوقفٍ على اللُّقطاءِ أو الوصيةِ لهم، أو مالٌ خاصٌّ، كثيابٍ ملفوفةٍ عليه، أو ملبوسةٍ له، أو مغطًّى بها، أو تحتَه مفروشةً، ودنانيرُ عليه، أو تحتَه، ولو منثورةً، أنْفَقَ عليه الحاكمُ