للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَخْرُجُ منه، يَقولُ أَنَسٌ رضي الله عنه: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ» (١).

وفي روايةٍ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ» (٢).

أمَّا النَّومُ مع عَدِمِ تَمْكِينِ الْمَقْعَدَةِ مِن الأرضِ فإنَّه يَنْقُضُ الوضوء، لحديثِ معارويةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنُ انْطَلَقَ الْوِكَاءُ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» (٣).

قال البيضاوي رحمه الله: «الوكاء: ما يُشَدُّ به الشيء, والسَّه: الدُّبُر, وأصله: سَتَهٌ لجمعه على أسْتَاه، وتصغيره على: سُتَيْهَة, والمعنى: أنَّ الإنسانَ إذا تَيَقَّظَ أمسكَ مَا فِي بَطْنِهِ, فإذا نام زال اختياره، واسترخت مفاصِلُه, فَلَعَلَّه يخرجُ مِنها ما يَنْقُضُ طُهْرَهُ, وذلك إشارة إلى أنَّ نقضَ الطهارةِ بالنَّوْمِ وسائرِ ما يزيلُ العقل؛ ليس لأنفسها, بل لأنَّها مَظِنَّةُ خُرُوجِ ما يَنْتَقِضُ الطُّهْرُ بِه، ولذلك خُصَّ نومُ مُمَكِّنِ الْمَقْعَدَةِ مِن الأرضِ في حديثِ أنس» (٤).

٣ - «وَزَوَالُ الْعَقْلِ بِسُكْرٍ أَوْ مَرَضٍ»، قياسًا على النَّومِ.

٤ - «وَلَمْسُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ»؛ لقولِهِ تَعَالَى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: ٤٣]، [المائدة: ٦]، فقد قرَأَهَا


(١) رواه مسلم (٣٧٦).
(٢) رواه أبو داود (٢٠٠).
(٣) رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (٨٧٥).
(٤) «تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة» (١/ ١٧٤).

<<  <   >  >>