للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحاديثُ، منها: حديثُ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» (١).

قال الشَّافعيُّ رحمه الله: «معنى الحديثِ: ما الحزمُ والاحتياطُ للمُسْلمِ إلَّا أن تَكونَ وصيَّتُه مكتوبةً عندَه، ويُسْتَحَبُّ تعجيلُها، وأن يكتبَها في صحَّتِه، ويُشْهِدَ عليه فيها، ويَكْتُبَ فيها ما يَحتاجُ إليه، فإن تَجَدَّدَ له أمرٌ يَحتاجُ إلى الوصيَّةِ به أَلْحَقَه بها» (٢).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ وَالْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ»، تَجوزُ الوصيَّةُ بالشَّيءِ المعلومِ، كأن يَقولَ أوصيتُ بهذه الدَّارِ لزيدٍ أو عمرٍو، كما تَجوزُ بالمجهولِ كأن يَقولَ: أوصيتُ بثُلثِ مالي لزيدٍ أو عمرٍو، وهو لا يدري كم سَيَكونُ مالُه عند موتِه، وكذلك تَجوزُ الوصيَّةُ بالموجودِ، سواءٌ كانَ معلومًا أو مجهولًا، كأن يَقولَ: أوصيتُ بهذه النَّاقةِ لزيدٍ أو عمرٍو، أو أوصيتُ بناقةٍ من إبلي لزيدٍ أو عمرٍو، وكذلك تَجوزُ الوصيَّةُ بالمعدومِ، كأن يَقولَ: أوصيتُ بما تَحْمِلُه هذه النَّاقةُ، أو بما يَحملُه شجرُ هذا البستانِ لزيدٍ أو عمرٍو.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَهِيَ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ زَادَ وُقِفَ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ»؛ لحديثِ سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه قالَ: جاءَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُني وأنا بمكَّةَ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أُوصي بمالي


(١) رواه البخاري (٢٥٨٧)، ومسلم (١٦٢٧).
(٢) «شرح النَّووي على صحيح مسلم» (١١/ ٧٥).

<<  <   >  >>