للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٤]، ولحديثِ عمرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنه: «أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ... فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا» (١).

ومَهرُ المِثْلِ؛ أيْ: مَهرُ أمثالِها من النِّساءِ عادةً.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَيْسَ لِأَقَلِّ الصَّدَاقِ وَلَا لِأَكْثَرِهِ حَدٌّ»؛ لقولِه تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: ٢٠]، والقِنطارُ: مالٌ كثيرٌ، فدَلَّ على أنَّه لا حَدَّ للمَهرِ في الكثرةِ، وجاءَ في حديثِ عامرِ بنِ ربيعةَ رضي الله عنه أنَّ امرأةً من بَني فَزَارَةَ تَزَوَّجَتْ على نَعْلَيْنِ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِنَعْلَيْنِ؟»، قالت: نَعَمْ، فأجازَه (٢).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ»، كتعليمِها شيئًا من القرآنِ، أو القيامِ بعملٍ مُعَيَّنٍ، يقولُ سهلُ بنُ سعدٍ رضي الله عنه: أتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ فقالت: إنَّها قد وَهَبَتْ نَفْسَها للهِ ولرسولِه صلى الله عليه وسلم، فقالَ: «مَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ»، فقال رجلٌ: زَوِّجْنِيها، قالَ: «أَعْطِهَا ثَوْبًا»، قالَ: لا أَجِدُ، قالَ: «أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»، فاعْتَلَّ له، فقالَ: «مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟»، قالَ: كذا وكذا، قالَ: «فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» (٣).


(١) «الأم» للشَّافعي (٧/ ٢٤٩).
(٢) رواه أحمد (١٥٧١٧)، والترمذي (١١١٣)، وابن ماجه (١٨٨٨)، وقال الترمذي: «حديثٌ حسنٌ صحيح».
(٣) رواه البخاري (٤٧٤١)، ومسلم (١٤٢٥)، وقد سبق كاملًا في أوَّل كتاب النِّكاح.

<<  <   >  >>