للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَوْمَ القِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ» (١)؛ أيْ: أحدُ جنبيهِ مفلوجٌ مشلولٌ -والعياذُ باللهِ-.

وقد كانَ يُطافُ بالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم محمولًا في مرضِه -الذي ماتَ فيه- على نسائِه كلَّ يومٍ وليلةٍ، حتَّى أَذِنَ له أزواجُه - رضي الله عنهن - أن يَكونَ حيثُ شاءَ، فكانَ في بيتِ عائشةَ رضي الله عنها حتَّى قَبَضَه اللهُ تعالى ورَأْسُه صلى الله عليه وسلم بين سَحْرِها ونَحْرِها (٢).

فإذا ساوى الرَّجلُ بينَ زوجاتِه في المبيتِ والكسوةِ والنَّفقةِ والأمورِ الظَّاهرةِ؛ لم يؤاخَذْ بزيادةِ ميلِ قلبِه إلى بعضِهِنَّ، قال اللهُ تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١٢٩]؛ قال ابنُ عبَّاسٍ: رضي الله عنهما {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}؛ أيْ: «فِي الْحُبِّ وَالْجِمَاعِ» (٣).

قال أبو بكرِ بنُ العربيِّ رحمه الله: «وصَدَقَ؛ فإنَّ ذلك لا يَمْلِكُه أحدٌ؛ إذْ قلبُه بينَ إصبعينِ من أصابعِ الرَّحمنِ، يُصْرِّفُه كيفَ يشاءُ، وكذلك الجماعُ فإنَّه قد ينشطُ للواحدةِ ما لا ينشطُ للأخرى، فإذا لم يكنْ ذلك بقصدٍ منه فلا حَرَجَ عليه فيه، فإنَّه مما لا يستطيعُه


(١) رواه الترمذي (١١٤١)، والحاكم (٢٧٥٩)، وصحَّحه، وأقرَّه الذَّهبي.
(٢) رواه البخاري (٤١٨٥)، ومسلم (٢٤٤٣). والنَّحرُ: موضعُ القلادةِ، والسَّحرُ: الرِّئةُ؛ أيْ: إنَّه صلى الله عليه وسلم توفِّيَ وهو مستندٌ إلى صدرِها - رضي الله عنها -.
(٣) رواه البيهقيُّ في «السُّنن الكبرى» (١٤٥١٧).

<<  <   >  >>