للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَعِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا فَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ»، المتوفَّى عنها زوجُها إن كانت حاملًا فعِدَّتُها بوضعِ الحملِ؛ لقولِه تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤].

ولحديثِ سُبَيْعَةَ بنتِ الحارثِ الأسلميَّةِ رضي الله عنها، كانت تحتَ سعدِ بنِ خَولةَ رضي الله عنه، وهو من بني عامرِ بنِ لؤيٍّ، وكانَ ممَّنْ شَهِدَ بدرًا، فتُوُفِّيَ عنها في حَجَّةِ الوداعِ وهي حاملٌ، فلم تَنْشَبْ أن وَضَعَتْ حَمْلَها بعدَ وفاتِه، فلمَّا تَعَلَّتْ من نِفاسِها، تَجَمَّلَتْ للخُطَّابِ، فدَخَلَ عليها أبو السَّنابلِ بنُ بعككَ؛ رَجُلٌ من بني عبدِ الدَّارِ، فقال لها: ما لي أراكِ تَجَمَّلْتِ للخُطَّابِ، تَرْجِينَ النِّكاحَ؟! فإنَّكِ واللهِ ما أنتِ بناكحٍ حتَّى تمرَّ عليكِ أربعةُ أشهرٍ وعشرٌ، قالت سُبَيْعَةُ: «فلمَّا قال لي ذلك جمعتُ عليَّ ثيابي حينَ أمسيتُ، وأتيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فسألتُه عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللتُ حينَ وضعتُ حملي، وأمرَني بالتَّزوُّجِ إن بدا لي» (١).

فإن كانت المعتدَّةُ عن وفاةٍ حائلًا غيرَ حاملٍ فعِدَّتُها أربعةُ أشهرٍ وعَشْرٌ؛ لقولِه تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤].

وهذه الأحكامُ خاصَّةٌ بالحُرَّةِ، وستأتي أحكامُ الأمَةِ قريبًا إن شاءَ اللهُ تَعالى.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَغَيْرُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا إِنْ كَانَتْ حَامِلًا


(١) رواه البخاري (٣٧٧٠)، ومسلم (١٤٨٤)، ومعنى: «تَنْشَب»؛ أي: تَلْبَث. و «تَعَلَّتْ»؛ أيْ: طَهُرَت.

<<  <   >  >>