والأصلُ في مشروعيَّتِه حديثُ أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أَوْطَاسٍ:«لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً»(١).
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَمَنِ اسْتَحْدَثَ مِلْكَ أَمَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ الاسْتِمْتَاعُ بِهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا؛ إِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ بِحَيْضَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الشُّهُورِ بِشَهْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَمْلِ بِالْوَضْعِ»، مَن حَدَثَ له مِلْكُ أَمَةٍ بشراءٍ أو إرثٍ أو هبةٍ أو سبيٍ أو نحوِ ذلك؛ حَرُمَ عليه الاستمتاعُ بها حتَّى يستبرئَها، فإن كانت الأمَةُ من ذواتِ الحيضِ فيَكونُ استبراؤُها بحيضةٍ، وإن كانت من ذواتِ الأشهرِ لصِغَرٍ أو يأسٍ فيَكونُ استبراؤُها بشهرٍ، فإنه كقُرءٍ في الحُرَّةِ، وإن كانت من ذواتِ الحَمْلِ فيَكونُ استبراؤُها بوضعِ الحَملِ؛ لعمومِ الحديثِ السَّابقِ، ولأنَّ المقصودَ معرفةُ براءةِ الرَّحمِ وهي حاصلةٌ بذلك.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَإِذَا مَاتَ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ اسْتَبْرَأَتْ نَفْسَهَا كَالْأَمَةِ»، المملوكةُ التي وطِئَها سيِّدُها فحَمَلَتْ منه وأتت بمولودٍ استهلَّ صارخًا؛ يقالُ لها: أمُّ ولدٍ، فلا يَجوزُ لسيِّدِها أن يبيعَها، وتَعتَقُ بمجرَّدِ موتِهِ، وتستبرئُ نَفْسَها كالأمَةِ على التَّفصيلِ السَّابقِ؛ إن كانت من ذواتِ الحيضِ بحيضةٍ، وإن كانت من ذواتِ
(١) رواه أبو داود (٢١٥٧)، والحاكمُ (٢٧٩٠)، وقال: «هذا حديث صحيح على شرطِ مسلم». و «سبايا»؛ جمعُ سَبِيَّةٍ، وهي الأسيرةُ من الكفَّارِ، و «أَوْطَاسٌ»؛ وادٍ في ديارِ هوازنَ قريبٌ من الطَّائفِ.