للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النور: ٢٣]، و {المحصَناتِ}؛ أيِ: الحرائرَ، و {الغافلاتِ}؛ أيِ: العفيفاتِ السَّليماتِ الصُّدورِ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُحَدُّ الْحُرُّ ثَمَانِينَ، وَالْعَبْدُ أَرْبَعِينَ»، أمَّا الحُرُّ فلقولِه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤]، واستُفيدَ كونُها في الأحرارِ من قولِه تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}؛ والعبدُ لا تُقْبَلُ شهادتُه وإن لم يَقْذِفْ، ولأنَّ أبا بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليًّا - رضي الله عنهم -: «كانوا يَجلِدونَ العبدَ في القذفِ أربعينَ» (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:

١ - إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ»؛ لقولِه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤]، فدَلَّ على أنَّه إذا أُتِيَ بالشُّهداءِ الأربعةِ فلا حَدَّ على القاذفِ، ويَثْبُتُ الزِّنا على المقذوفِ.

٢ - «أَوْ عَفْوُ الْمَقْذُوفِ»؛ لأنَّ حدَّ القذفِ إنما شُرِعَ لدفعِ العارِ عن المقذوفِ، فهو حقٌّ خالصٌ للآدميِّ، فيَسْقُطُ بعفوِه عن القاذفِ، كما أنَّه لا يُسْتَوْفَى إلَّا بمطالَبَتِه.

٣ - «أَوِ اللِّعَانُ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ»، سَبَقَتْ أحكامُ اللِّعانِ في فصلٍ مستقِلٍّ، وأنَّه إذا قَذَفَ الزَّوجُ زوجتَهَ، ولم يستطعْ إقامةَ البيِّنةِ، أُقِيمَ عليه حَدُّ القذفِ؛ إلَّا أن يُلاعِنَ، فإذا لاعَنَ سَقَطَ


(١) رواه ابن أبي شيبة في «المصنَّف» (٢٨٢٢٣)، (٢٨٢٢٤).

<<  <   >  >>