للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقَطْعُ»، فقالَ: الشَّاةُ الحَريسةُ منهنَّ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: «ثَمَنُهَا وَمِثْلُهُ مَعَهُ وَالنَّكَالُ، وَمَا كَانَ فِي الْمُرَاحِ، فَفِيهِ الْقَطْعُ، إِذَا كَانَ مَا يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ» (١).

وذلك لأنَّ الجنايةَ تَعْظُمُ بمخاطَرةِ أخذِه من الحِرْزِ؛ بخلافِ ما إذا جرَّأه المالكُ ومكَّنه بتضييعِه.

والرُّجوعُ في الحِرزِ يَكونُ إلى العُرْفِ؛ فإنَّه لم يُحَدَّ في الشَّرعِ ولا في اللُّغةِ، فرُجِعَ فيه إلى العُرْفِ، وهو يَختلفُ باختلافِ الأموالِ والأحوالِ والأوقاتِ، فقد يَكونُ الشَّيءُ حِرزًا في وقتٍ دونَ وقتٍ؛ بحسَبِ صلاحِ أحوالِ النَّاسِ وفَسادِها، وقوَّةِ السُّلطانِ وضَعْفِه، وضَبَطَه الغزاليُّ رحمه الله بما لا يُعَدُّ صاحبُه مُضَيِّعًا.

وكذلك يُشترطُ في قطعِ يدِ السَّارقِ عَدَمُ المِلْكِ، فلا قَطْعَ بسرقةِ مالِه الذي بيدِ غيرِه؛ وإن كانَ مرهونًا أو مؤجَّرًا.

وكذلك يُشترطُ في قطعِ يدِ السَّارقِ عدمُ شبهةِ المِلكِ في المالِ المسروقِ، فلو سَرَقَ الوالدُ من ولدِه، أو الولدُ من والدِه؛ فلا قَطْعَ، لشبهةِ المِلكِ باستحقاقِ النَّفقةِ، وكذلك لو سَرَقَ الشَّريكُ من مالِ الشَّركةِ، فلا قَطْعَ عليه.


(١) رواه أبو داود (١٧١٠)، والترمذي (١٢٨٩)، والنسائي (٤٩٥٧)، وابن ماجه (٢٥٩٦)، وقال الترمذي: «هذا حديثٌ حسنٌ»، و «الخبنةُ»: هي ما يَحْمِلُه الرَّجلُ في ثوبِه، و «العقوبَةُ» هنا هي التَّعزيرُ، و «الجَرِينُ»: هو ما يُحْفَظُ فيه الحبوبُ والثِّمارُ، و «المِجَنُّ» هو كلُّ ما يُتَوَقَّى به ويُسْتَتَرُ مِن ضربةِ السِّلاحِ، كالتُّرسِ، وكانت قِيمتُه تُقَدَّرُ برُبُعِ دينارٍ.

<<  <   >  >>