للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرضُ كفايةٍ، قالَ أبو إسحاقَ الشيرازيُّرحمه الله: «وأقلُّ ما يُجزئُ في كلِّ سنةٍ مرَّةٌ؛ لأنَّ الجزيةَ تجبُ في كلِّ سنةٍ مرةً، وهى بدلٌ عنِ القتلِ، فكذلك القتلُ، ولأنَّ في تعطيلِه أكثرَ منْ سنةٍ ما يُطمِعُ العدوَّ في المسلمينَ، فإنْ دعَتِ الحاجةُ في السَّنةِ إلى أكثرَ منْ مرةٍ وجبَ؛ لأنَّه فرضٌ على الكفايةِ، فوجبَ منه ما دعَتِ الحاجةُ إليه، فإنْ دعَتِ الحاجةُ إلى تأخيرِه لضعفِ المسلمينَ أو قلَّةِ ما يحتاجُ إليه منْ قتالِهم منَ العُدَّةِ أو للطَّمعِ في إسلامِهم، جازَ تأخيرُه» (١).

الثَّاني: جهادُ الدَّفعِ؛ أيْ: دفعِ الكُفَّارِ إذا هجمُوا على قومٍ منَ المسلمينَ بغتةً، فيتعيَّنُ عليهم الدفعُ ولو كانَ امرأةً أو صبيًّا، أو هجمَ على مَنْ بِقُرْبِهم ممَّنْ هم دونَ مسافةِ القصرِ، وليسَ لهم قدرةٌ على دفعِهم، وكذلك يَلزِمُ مَنْ على مسافةِ القصرِ إذا لم تحصلِ الكفايةُ، والمرادُ أنَّ النفيرَ يعمُّ جميعَ المسلمينَ ممَّنْ كانَ مِنْ أهلِ القتالِ حينَ الحاجةِ لمجيءِ العدوِّ إليهم، ولا يجوزُ لأحدٍ التَّخلُّفُ إلَّا مَنْ يُحتاجُ إلى تخلُّفِه لحفظِ المكانِ والأهلِ والمالِ (٢).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَشَرَائِطُ وُجُوبِ الْجِهَادِ سَبْعُ خِصَالٍ:

١ - الْإِسْلَامُ»، فلا جِهادَ على الكافرِ، ولو كانَ ذِميًّا؛ لقولِه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: ١٢٣]، ولأنَّه يبذلُ الجزيةَ؛ ليدافعَ المسلمونَ عنه.


(١) «المهذَّب في فقهِ الإمامِ الشافعي» (٢/ ٢٢٧).
(٢) «الإقناع في حلِّ ألفاظِ أبي شُجاع» (٢/ ٥٥٨).

<<  <   >  >>