للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحلُّ الصيدُ المقتولُ بها؛ إلا السنَّ والظُفرَ وبقيةَ العظامِ، فإنَّه لا يحلُّ التذكيةُ بها؛ سواءٌ كانَ هذا العظمُ لآدميٍّ أو غيرِه، وسواءٌ كانَ منفصلًا أومتصلًا؛ لحديثِ رافعِ بنِ خَديجٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، فَكُلُوا لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ: فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ: فَمُدَى الْحَبَشَةِ» (١).

والمعنى: لا تذبحوا بالعظامِ؛ لأنَّها تَنْجُسُ بالدَّمِ، وقد نُهيتُم عنْ تنجيسِ العظامِ في الاستنجاءِ؛ لكونِها زادَ إخوانِكم منَ الجنِّ، وكذلك لا تذبحوا بالظُّفرِ؛ لأنَّه مُدَى الحبشةِ، ولا يجوزُ التشبُّهُ بهم ولا بشعارِهم؛ لأنَّهم كفَّارٌ، وكانَ الأحباشُ يُدْمون مَذَابِحَ الشاةِ بأظفارِهم حتَّى تزهقَ النفسُ خنقًا وتعذيبًا، ويحلُّون هذا محلَّ الذَّكاةِ، فلذلك ضربَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المثلَ بهم، وقد سبقَ أنَّ ما قتلَتْه الجارحةُ بظُفرِها أو نابِها فهو حلالٌ.

وخرجَ بقولِ المصنِّفِ رحمه الله: «بِكُلِّ مَا يَجْرَحُ»؛ ما لو قُتِلَ الصيدُ بِمُثَقَّلٍ، كأنْ رُمِيَ بحجرٍ، أو ضُرِبَ بسوطٍ أو عصًا أو نحوِ ذلك مما لا حدَّ له يجرحُ، ودليلُ ذلك حديثُ عُدَيِّ بنِ حاتمٍ رضي الله عنه عندَما سألَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: «إني أرمي الصيدَ بالمعراضِ، فَأُصِيبُ، فقالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ فَكُلْهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْهُ» (٢).


(١) رواه البخاري (٢٣٧٢)، ومسلم (١٩٦٨)، والمُدَى: جمعُ مديةٍ، وهي السكينُ.
(٢) رواه البخاري (٦٩٦٢)، ومسلم (١٩٢٩).

<<  <   >  >>