للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخيلِ منَ الحَفْيَاءِ إلى ثَنِيَّةِ الوداعِ، وأجرى ما لم يُضَمَّرْ منَ الثنيَّةِ إلى مسجدِ بَني زُرَيْقٍ»، ثُمَّ قال: «وكنتُ فيمَنْ أجرى» (١).

وفي روايةٍ: «فجئتُ سابقًا، فطفَّفَ بي الفرسُ مسجدَ بني زريقٍ» (٢).

وقد زادَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في المسافةِ للخيلِ المضمرةِ لقُوَّتِها، ونَقَّصَها في الخيلِ التي لم تُضَمَّرْ لقصورِها عنْ شأْوِ ذاتِ التضميرِ؛ ليكونَ عدلًا منه صلى الله عليه وسلم بينَ النوعينِ، وكلُّ ذلك إعدادٌ للقوةِ في إعزازِ كلمةِ اللهِ، وفي هذا الحديثِ دليلٌ على اشتراطِ المسافةِ، فلا بدَّ أنْ تكونَ معلومةً؛ ابتداءً وغايةً.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَتَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ عَلَى الدَّوَابِّ، وَالْمُنَاضَلَةُ بِالسِّهَامِ إِذَا كَانَتْ الْمَسَافَةُ مَعْلُومَةً، وَصِفَةُ الْمُنَاضَلَةِ مَعْلُومَةً»، تجوزُ المسابقةُ على الدوابِّ، كالخيلِ والإبلِ والبغالِ والحميرِ والفيلةِ، وكذلك المراماةُ بالسهامِ وما أشبهَها من آلاتِ الحربِ، كالرَّصاصِ والصواريخِ وغيرِهما؛ سواءٌ كانَت بعِوَضٍ، أو


(١) رواه البخاري (٢٧١٣)، ومسلم (١٨٧٠)، وأُضْمِرَت الخَيلُ: عُلِفَتْ حتَّى سَمِنَت وَقَوِيَت، ثُمَّ قُلِّلَ عَلَفُها بِقَدْرِ القُوتِ، وأُدْخِلَت بَيْتًا، وَغُشِّيَت بالجِلالِ حتَّى حَمِيَت وَعَرِقَت، فإذا جَفَّ عَرَقُها خَفَّ لَحْمُها وَقَوِيَت على الجَري، والحفياءُ: موضعٌ بقربِ المدينةِ، وأمدُها: أي: غايتُها ونهايةُ مسافةِ سبقِها، والثنيَّةُ: أي: ثنيةُ الوداعِ، وهي في الأصلِ الطريقُ إلى الجبلِ أو فيه، وسميت بذلك لأنَّ الخارجَ من المدينةِ يمشي معَه المودِّعون إليها، وبينَ الحفياءِ وبينَ الثنيَّةِ خمسةُ أميالٍ أو ستةٌ، وبينَ الثنيَّةِ والمسجدِ ميلٌ.
(٢) رواه مسلم (١٨٧٠)، وطففَ: أي جاوزَ الفرسُ به المسجدَ؛ لأنَّه كانَ الغايةَ.

<<  <   >  >>