للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدَلَّتْ هذه الأحاديثُ على نجاسةِ الأشياءِ المذكورةِ، لغَسْلِهِ صلى الله عليه وسلم لها أو الأمرِ بغَسْلِها أو التَّصريحِ بنجاسَتِها، ويُقاسُ ما لم يُذْكَرْ فيها ممَّا يَخْرُجُ مِنَ السَّبيلَيْنِ، على ما ذُكِرَ.

وقولُهُ: «إِلَّا الْمَنِيَّ»؛ أيْ: إلَّا المَنيَّ فإنَّه طاهرٌ، وليس بنَجِسٍ؛ لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها قالت: «لقد رأيتُني أَفْرُكُهُ مِن ثوبِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرْكًا فيصلِّي فيه» (١)، فلو كانَ نجِسًا لم يَكْفِ فَرْكُه.

وأمَّا روايةُ الغَسلِ، وهي قولُ عائشةَ رضي الله عنها: كنتُ أَغْسِلُ الجنابةَ مِن ثوبِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَخْرُجُ إلى الصَّلاةِ وإنَّ بُقَعَ الماءِ في ثَوْبِه» (٢)، فمحمولةٌ على النَّدْبِ والاستحبابِ.

يَقولُ ابنُ حِبَّانَ رحمه الله: «كانت عائشةُ رضي الله عنها تَغْسِلُ المَنِيَّ مِن ثوبِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا كانَ رَطْبًا؛ لأنَّ فيه استطابةً للنَّفْسِ، وتَفْرُكُه إذا كانَ يابسًا، فيصلِّي صلى الله عليه وسلم فيه، فهكذا نقولُ ونختارُ: إنَّ الرَّطْبَ منه يُغْسَلُ لطِيبِ النَّفْسِ، لا أنَّه نَجِسٌ، وإنَّ اليابسَ منه يُكْتَفى منه بالفَرْكِ اتبِّاعًا للسُّنَّةِ» (٣).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَغَسْلُ جَمِيعِ الْأَبْوَالِ وَالْأَرْوَاثِ


(١) رواه مسلم (٢٨٨)
(٢) رواه البخاري (٢٢٧)، ومسلم (٢٨٩)
(٣) «صحيح ابن حبَّان» (٤/ ٢٢١).

<<  <   >  >>