وأمَّا اقتداءُ القارئِ بالأمِّيِّ؛ فلا يَجوزُ كما قالَ المصنِّفُ، والمقصودُ بالقارئِ: مَنْ يُحْسِنُ قراءةَ الفاتحةِ، والأُمِّيُّ: الَّذي لا يُحْسِنُ قراءةَ الفاتحةِ، ولم تصحَّ القدوةُ به؛ لأنَّ قراءتَها كاملةً ركنٌ كما سَبَقَ، وإنما صحَّتْ صلاةُ الأُمِّيِّ لنفْسِه لعدمِ قدرتِه على التَّعلُّمِ.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَأَيُّ مَوْضِعٍ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِيهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِصَلَاتِهِ أَجْزَأَهُ؛ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ»، إذا كانَ الإمامُ والمأمومُ في المسجدِ فأيُّ موضعٍ صلَّى فيه المأمومُ بصلاةِ الإمامِ؛ جازَ بشرطيْنِ: الأوَّلُ: أنْ يكونَ عالمًا بصلاةِ الإمامِ؛ كأنْ يَسْمَعَه، أو يراه، أو يرى بعضَ الصَّفِّ، والثَّاني: أنْ لا يَتَقَدَّمَ عليه، فإذا جَمَعَهُما مسجدٌ أو جامعٌ صحَّ الاقتداءُ سواءٌ انقطعتِ الصُّفوفُ بَيْنَهُما أو اتَّصلتْ وسواءٌ حالَ بينهما حائلٌ أم لا وسواءٌ كانَ الإمامُ أعلى من المأمومِ أو أسفلَ؛ لأنَّه كُلَّه مكانٌ واحدٌ وهو مبنيٌّ للصَّلاةِ.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَإِنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَأْمُومُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ قَرِيبًا مِنْهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِصَلَاتِهِ وَلَا حَائِلَ هُنَاكَ؛ جَازَ»، إذا كانَ الإمامُ في المسجدِ والمأمومُ خارجَ المسجدِ وليس بينهما حائلٌ يَمْنَع الاستماعَ أو المشاهَدةَ؛ جازَ الاقتداءُ به؛ لحصولِ الاتِّصالِ، فإنْ حالَ جدارٌ لا بابَ فيه، أو بابٌ مُغْلَقٌ؛ مُنِعَ الاقتداءُ لعدمِ الاتِّصالِ.