للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للقياس عند ابن جني (١). وفي قوله تعالى: ليس البر أن تولوا وجوهكم [البقرة/ ١٧٧] قرأ حمزة وحفص (البرّ) بالنصب (٢) على أنه خبر للفعل الناقص مقدم على اسمه. ومن العلماء من يرى هذه القراءة أرجح من جهة الصناعة، وعلل ذلك بأن المصدر من (أن) المصدرية يكون في قوة الضمير، والضمير يترجح جعله اسما (٣). والحقيقة أن هذه الأرجحية ربما كانت بسبب التقديم ذاته، أى تقديم الخبر على الاسم، حيث إن هذا التقديم له دلالة بلاغية أوقع من غيره، إذ إنّ العرب تقدم الذى بيانه أهم لهم وهم بشأنه أعنى وإن كانا جميعا يهمّانهم ويعنيانهم (٤). وهذا التقديم والتأخير يدخل ضمن ما يسمى بالتأليف التام الذى يعدّ عنصرا من عناصر تأليف الجملة العربية (٥) لأن موقع المفردة يسهم إسهاما كبيرا في تفسير قيمة التقديم الفنية للنص ويمثل مرحلة من مراحل الاتصال بين المتلقي والمعنى المراد (٦).

١٤ - فتح وكسر همزة (إنّ) بعد فاء الجزاء: إذا وقعت (إنّ) بعد فاء الجزاء فيجوز فتحها وكسرها (٧). ورد هذا في قوله تعالى: كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم [الأنعام/ ٥٤]، حيث قرأ الشاميّ وعاصم ويعقوب (فأنّه) بفتح الهمزة وقرأ الباقون بكسرها (٨).

وقراءة الفتح على جعل (أنّ) وصلتها مصدرا مبتدأ خبره محذوف والتقدير:

فالغفران جزاؤه، أو على جعلها خبرا لمبتدإ محذوف، والتقدير: فجزاؤه الغفران. أما قراءة الكسر فعلى جعلها جملة جوابا ل (من) (٩).


(١) الخصائص ٢/ ٣٨٢.
(٢) الكنز/ ٣٥٩.
(٣) أمالي المرتضى ١/ ٢٠٦، ٢٠٧.
(٤) دلائل الإعجاز/ ٨٤.
(٥) معاني النحو ١/ ١١.
(٦) في البنية والدلالة/ ١٣٥.
(٧) الفوائد الضيائية ٢/ ٣٣٩.
(٨) الكنز/ ٤٠٥.
(٩) شرح ابن عقيل ١/ ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>