نشأ ابن خالويه حريصا على الطّلب، دءوبا على المطالعة، مكبّا على الإفادة شغوفا بالعلم، يشهد مجالس العلماء، ويحضر منتديات الأدباء، هذا كلّه وغيره له نماذج واضحة، وشواهد لائحة فى أغلب مؤلفاته، وفى ما نقل من سيرته، روى صلاح الدّين الصّفدى فى «تذكرته» قال (١) : قال ابن خالويه: حضرت مجلس أبي عبد الله محمّد بن إسماعيل القاضى المحامليّ وفيه زهاء ألف، فأملّ عليهم إن الأنصار قالوا للنّبى صلّى الله عليه وسلم: والله ما نقول لك ما قال قوم موسى لموسى {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنّا هاهُنا قاعِدُونَ}[المائدة: ٢٤] بل نفديك بأبنائنا وأمهاتنا، ولو دعوتنا إلى برك الغماد-بكسر الغين-فقلت للمستملى هو (الغماد) بضمّ الغين، فقال المستملى: قال النّحوى: (الغماد) بالضمّ أيّها القاضى، قال: وما برك الغماد؟ قال: سألت ابن دريد، فقال: هو بقعة فى جهنّم، قال القاضى: وكذا فى كتابى على الغين ضمّة ... قال ابن خالويه: وسألت أبا عمر عن ذلك فقال: برك الغماد بالكسر، والغماد بالضمّ، والغمار بالراء مع كسر الغين، وقد قيل: إن الغماد موضع باليمن ... ».
وأمثال هذا المجلس فى مؤلفاته كثير.
ولابن خالويه عناية تامّة فى تقييد الفوائد على الشّيوخ ونسخ مؤلفاتهم وتدبّرها ثم التعليق عليها بما يراه، وسأعرض لهذا فى صدر ذكر مؤلفاته إن شاء الله تعالى.
ونظرا إلى تنوّع شيوخه وكثرتهم سأذكر جملة منهم، ويدخل فى عداد شيوخه كلّ من أسند إليه رواية، أو نقل عنه خبرا، أو حدث عنه بحديث، وحديثى عن شيوخه لا يدخل فى باب الحصر والاستقصاء والتتبع، وإنّما جمعت جملة منهم أثناء تتبّعى لآثاره، وقراءتى السّريعة لبعض ما وقفت عليه من أخباره، وأنما