للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[(ومن سورة عبس)]

قال أبو عبد الله: نزلت هذه السّورة فى عبد الله بن أبى السّرح الأعمى وأمّه أمّ مكتوم (١)، وذلك أنّه كان ذات يوم جالسا فى المسجد الحرام وحده إذ نزل ملكان ليصليا فى بيت الله، فقالا من هذا الأعمى الذى لا يبصر فى الدّنيا، ولا فى الآخرة، وذلك قبل أن يسلم. فقال أحدهما: لا ولكن أعجب من أبى طالب يدعو الناس إلى الإسلام وهو لا ينصره فسمع ذلك ابن [أمّ] مكتوم، فخرج حتى أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وإذا معه أمية بن خلف والعبّاس بن عبد المطلب وهما قائمان بين يديه. فقال ابن أمّ مكتوم قد جئتك يا محمد تائبا فهل من توبة، فأعرض عنه النّبى-عليه السّلام-بوجهه وعبس أى: كلح، فاستحيا الأعمى فظنّ أنه لا توبة له ورجع إلى منزله، فأنزل الله تعالى تأديبا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ولأمّته، وإنما كان النّبى عليه السّلام أعرض عنه لاشتغاله بأشراف قريش، وكره أن يقطع كلامه، ونزل قوله: {عَبَسَ وَتَوَلّى* أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى* وَما/يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكّى} [١، ٢، ٣].أى: ما يدريك بما أراد أن يتعلمه من علمك فعطف النّبى عليه السّلام بعده [عليه] وأكرمه حتى استخلفه على الصّلاة.

١ - وقوله تعالى: {فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى} [٤].


(١) أخباره فى الاستيعاب: ٩٠٢، ٩٧٩، والإصابة: ٤/ ٨٧، ١٩٢، وطبقات ابن سعد:
٤/ ٢٠٥، ونكت الهميان: ٢٢١. واسمه عبد الله بن عمرو، أو عبد الله بن زائدة.
يراجع: أسباب النزول للواحدى: ٤٧٩، وتفسير الطبرى: ٣٠/ ٣٢، وزاد المسير: ٩/ ٢٦، وتفسير القرطبى: ١٩/ ٢٠٩، وتفسير ابن كثير: ٤/ ٤٧٠. والدر المنثور ٦/ ٣٤١.