للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٠ - قوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ} [٦١] قرأ عاصم وحده فى رواية أبى بكر بكسر السين.

والباقون يفتحون. وذكرت علته فى (البقرة) إلا أنّ أبا عبيدة قال (١):

السّلم: الصّلح، وفيه ثلاث لغات السّلم والسّلم والسلم وأنشد (٢):

أنائل إنّنى سلم ... لأهلك فاقبلى سلمى

والسّلم-أيضا-: -أيضا-: السّلف، والسّلم-أيضا: -شجر، واحدتها سلمة، وبه سمى سلمة بن كهيل (٣).فأمّا الدّلو فالسّلم بفتح السّين وسكون اللام.

فإن قال قائل: إنّ السّلم الصّلح مذكر، والسّلم الدّلو مؤنث، فلم قال: {فَاجْنَحْ لَها} ولم يقل فاجنح له؟ .

فالجواب فى ذلك أن الهاء تعود على الجنحة؛ لأنّ الفعل/يدل على مصدره كما قال (٤): {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ} أى: وإنّ الاستعانة لكبيرة، كما تقول العرب (٥): من كذب كان شرّا له، معناه: كان الكذب شرّا له. وقال بعض أهل العلم إن الهاء تعود على الصّلاة.


(١) مجاز القرآن لأبى عبيدة: ١/ ٢٥٠.
(٢) فى مجاز القرآن: «قال رجل من أهل اليمن جاهلىّ» والبيت أيضا فى اللسان (سلم).
(٣) تقدم له ذكر فى أسانيد ابن خالويه، وهو سلمة بن كهيل بن حصين الحضرمى، أبو يحيى الكوفى التّنعىّ. وثقه يحيى بن معين وغيره. مات سنة ٢١ هـ أخباره فى تهذيب الكمال: ١١/ ٣١٣.
(٤) سورة البقرة: آية ٤٥.
(٥) هذا قول منقول عن العرب أورده سيبويه فى كتابه: ١/ ٣٩٥، قال: «ومثل ذلك قول العرب: من كذب كان شرّا له يريد: كان الكذب شرّا له، إلا أنه استغنى بأنّ المخاطب قد علم أنه الكذب لقوله: كذب فى أول حديثه».
وينظر: الأصول لابن السراج: ٢/ ١٧٦، وأمالى ابن الشّجرى: ٢/ ١٣٢، وشرح المفصل لابن يعيش: ١/ ٧٦، والخزانة: ١/ ١٢٠، ٨/ ١٢٠ (هارون).