للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٤ - وقوله تعالى: {فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ} [٥٨].

قرأ ابن عامر/وحده {فَلْيَفْرَحُوا} بالياء و «تجمعون» بالتّاء وروى عن الرّسول صلّى الله عليه وسلم فلتفرحوا بالتّاء على أصل الأمر؛ وذلك أنّ كلّ أمر للغائب والحاضر فلا بدّ من لام تجزم الفعل، كقولك: ليقم زيد {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} (١) وكذلك إذا قلت قم واذهب والأصل: لتقم ولتذهب بإجماع النّحويين، غير أن المواجهة كثر استعماله فحذفت اللاّم (٢) اختصارا واستغنوا ب‍ «افرحوا» عن «لتفرحوا» وب‍ «قم» عن «لتقم» وفى حرف أبيّ (٣) «فبذلك فافرحوا» فأمّا اللام من الغائب فلا يجوز حذفها إلا فى ضرورة شعر كما قال (٤):

محمّد تفد نفسك كلّ نفس ... إذا ما خفت من أمر تبالا (٥)

وكذلك قرأ القراء الباقون: {فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} بالياء على أمر الغائب


(١) سورة الطلاق: آية ٧.
(٢) هذه المسألة من مسائل الخلاف بين الكوفيين والبصريين كثيرة الورود فى كتب النحو. ينظر كلام المؤلف فى إعراب ثلاثين سورة: ٥٤، ١٢٧، وكلام شيخه ابن الأنبارى فى شرح السبع الطوال:
٣٨، وكلام شيخ شيخه ثعلب فى مجالسه. ٤٥٦.
وينظر: الإنصاف لابن الأنبارى: ٥٢٤، مسألة رقم (٧٢) والتبيين عن مذاهب النحويين:
١٧٦، وتخريجها هناك. وائتلاف النصرة: ١٢٥.
(٣) قراءة أبى فى معانى القرآن للفراء: ١/ ٤٦٥، والبحر المحيط: ٥/ ١٧٢.
(٤) اختلف فى نسبة البيت فقيل لحسان، ولم يرد فى ديوانه وقيل للأعشى، ديوانه: ٢٥٢ (الصبح المنير)، وقيل لأبى طالب عم النبى صلّى الله عليه وسلم. الخزانة: ٣/ ٦٢٩ نقلا عن شرح أبيات المفصّل لبعض فضلاء العجم.
ينظر: الكتاب ١٠/ ٤٠، والإنصاف: ٥٣٠، وأسرار العربية: ١٢٥، والتبيين عن مذاهب النحويين: ١٧٨ وشرح المفصل لابن يعيش: ٧/ ٢٥، ٦٠، ٩/ ٢٤، والجنى الدانى: ١١٣، والخزانة: ٣/ ٦٢٩.
(٥) فى الأصل: «وبالا».