للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال قائل: فما معنى قول العرب: زيد أفره عبدا وأفره عبد؟

فالجواب فى ذلك أنّك إذا خفضته مدحته فى نفسه، وكان هو العبد الفاره. وإذا نصبت فمعناه: أنّ عبيد زيد أفره من عبيد غيره، وتقول: الخليفة أفره عبدا من غيره وأفره عبيدا. وهذا المملوك أفره عبد/.

٢٠ - وقوله تعالى: {إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ} [١٠٩].

روى حفص [عن عاصم] {نُوحِي} بالنّون وكسر الحاء، الله تعالى يخبر عن نفسه

وقرأ الباقون: «يوحى» على ما لم يسمّ فاعله، فالمصدر من الأول:

أوحينا نوحى إيحاء، ومن الثّانى أوحى إليهم يوحى. وفيها لغة ثالثة يقال:

وحيت إليه بمعنى أوحيت، فإذا لم تسمّ فاعله من هذا قلت: وحي إليه.

حدّثنى ابن مجاهد عن السّمّرىّ عن الفرّاء قال (١): قرأ أبو حيوة الأسدىّ «قل أحى إلىّ» أراد: وحى فقلب الواو همزة استثقالا للضّمّة عليها مثل: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} (٢) و «وقّتت.» وقال ابن دريد (٣): فلان ابن أدّ، إنما هو ودّ فعل من الودّ فقلب.

وقرأ حفص فى كلّ القرآن «نوحى» بالنّون إلاّ فى (عسق) فإنه قرأ {كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ} (٤) أى: يوحي الله إليك.


(١) معانى القرآن للفراء: ٣/ ١٩٠: «وقرأها جويّة الأسدىّ ... ».
وفى نسختين من المعانى: «جويّة بن عبد الله الأسدى إن شاء الله» وفى غاية النهاية لابن الجزرى:
١/ ١٩٩ «جويّة بن عاتك ويقال: ابن عايذ، أبو أناس بضم الهمزة والنون، الأسدى الكوفى، وهو بضم الجيم وتشديد الياء روى القراءة عن عاصم ... ».
وأبو حيوة: شريح بن يزيد الحضرمىّ مقرئ الشام توفى سنة ٢٠٣ هـ. غاية النهاية: ١/ ٣٢٥.
ولعلّ الصّواب هو ما فى المعانى لأنّه مصدر المؤلف. والله أعلم.
(٢) سورة المرسلات: آية ١١.
(٣) جمهرة اللّغة: ١/ ٥٥ (دار العلم).
(٤) سورة الشورى: آية ٢.