للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى هذه الآية أنّ الله تعالى ضرب الأمثال فى كتابه بأحسن اللّفظ‍ وأوضح بيان، فشبّه الإيمان وهو الحقّ بالماء الصافى والذّهب والفضة إذا أوقد عليهما وذهب خبثهما وخلصا، وشبّه الكفر وهو الباطل بالزّبد الذى يذهب جفاء فقال تعالى: {وَمِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ} يعنى: الذّهب والفضّة، {أَوْ مَتاعٍ} يعنى: الصّفر والحديد/والرّصاص {زَبَدٌ مِثْلُهُ} {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً} [١٧] وهو ما جفاه السّيل فرمى به.

وقرأ رؤبة بن العجاج (١): «فيذهب جفالا» باللاّم، قال أبو حاتم:

ولا أقرأ بلغة رؤبة، لأنّه دخل عليه وهو يأكل الفأر. وأما ما ينفع النّاس من الماء الصّافى والذهب والفضة والصفر والنّحاس {فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ}.

٩ - وقوله تعالى: {وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ} [٣٣].

قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائىّ بضمّ الصّاد.

وقرأ الباقون «وصَدّوا» بفتح الصّاد، وجعلوا الفعل لهم، ومن ضمّ فعلى ما لم يسم فاعله جعل الفعل لله، أى: الله صدّهم، كما تقول: {طُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ} (٢) أى: طبع الله عليها، وقال أبو عبيد: والضمّ أشبه بقراءة أهل السّنّة.


(١) قال المؤلّف فى إعراب ثلاثين سورة: ٥٧ «الغثاء: ما يحمله السّيل ومثله الجفاء، وهو:
ما تكسر وتهشم أيضا من المرعى إذا يبس، والجفال مثل الجفاء قرأ رؤبة: فأمّا الزّبد فيذهب جفالا قال أبو حاتم: لا يقرأ بقراءة رؤبة لأنه كان يأكل الفار».
وقراءته فى تفسير القرطبى: ٩/ ٣٠٥، والبحر المحيط: ٥/ ٣٨٢ قال أبو حيان رحمه الله: «من قولهم: جفلت الريح السّحاب: إذا حملته وفرّقته، وعن أبى حاتم: لا يقرأ بقراءة رؤبة .... وعن أبى حاتم أيضا: لا تعتبر قراءة الأعراب فى القرآن».
وأسند القرطبى رحمه الله قراءة رؤبة إلى أبى عبيدة قال: «وحكى أبو عبيدة أنه سمع رؤبة يقرأها جفالا ... » وينظر هامش المجاز: ١/ ٣٢٩ والمحرر الوجيز: ٨/ ١٥٧.
(٢) سورة التوبة: آية ٨٧.