للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن ياسر وجماعة من أهل مكّة أرادوهم على الكفر وعرضوهم على الكفر فقالوا ذلك/بألسنتهم، وقلبهم مطمئن بالإيمان، ثم أخبروا النّبي صلّى الله عليه وسلم بذلك، فأنزل الله تعالى فيهم: {إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ} والاختيار أن تجعل قراءة ابن عامر «فَتَنوا» فعلا للكفّار، أى: فتنوا المؤمنين. وتقول العرب:

فتنت زيدا، وهى اللّغة الجيّدة. وأجاز آخرون: أفتنت. والفتنة فى القرآن على (عشر أوجه؟ ) (١) وقد أمللتها فى إعراب (أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم).

١٨ - وقوله تعالى: {وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ} [١٢٧].

قرأ ابن كثير وإسماعيل عن نافع «فى ضِيق» بكسر الضّاد.

وقرأ الباقون بالفتح، فمن فتح أراد: ضيّق فخفف مثل ميّت وميت وهيّن وهين (٢).ومن كسر يجوز أن يجعله لغتين. ويجوز أن يكون الضّيق اسما، والضّيّق مصدرا. والاختيار أن تقول: الضّيق فى المكان والمنزل والضّيق فى غير ذلك. فإذا كان الأمر كذلك فالاختيار «فلا تك فى ضيق» لأنّه لم يرد تعالى ضيق المعيشة ولا ضيق المنزل. والعلة فى (النّمل) (٣) كالعلّة فى (النّحل).

فإن قيل: لم سقطت النّون فى قوله: {وَلا تَكُ}؟

فالجواب فى ذلك: أنّ الأصل: ولا تكون فاستثقلوا الضّمة على الواو فنقلوها إلى الكاف فالتقى ساكنان الواو والنّون فحذفوا الواو لالتقاء السّاكنين فصار لا تكن، [والموضع الذى حذفت النّون مع الواو] (٤)، فلأنّ النون يضارع حروف المد واللّين، وكثر استعمال كان يكون فحذفوها لذلك، ألا ترى أنّك تقول: لم يكونا، والأصل: لم يكونان فأسقطوا النّون للجزم فشبّهوا لم يك فى حذف النّون بلم/يكونا فاعرف ذلك.


(١) هكذا فى الأصل، ولعلها «على عشرة أوجه».
(٢) مجاز القرآن: ١/ ٣٦٩.
(٣) الآية: ٧٠.
(٤) كذا فى الأصل.