للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نصب مفعول/بها. وحجّتهم: قوله: {وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} [٤٧].

فردّ اللّفظة على اللّفظة المجاورة لها أحسن من أن يستشهد عليها بغيرها ممّا بعد منه، وكلتا القراءتين حسنة وبالله التوفيق.

فإن قيل: ولم نصبت {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ}؟

فقل: بإضمار فعل، والتّقدير: واذكر يا محمد يوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزة، أى: ظاهرة لا يسير منها شئ؛ لأنّ الجبال إذا سيّرت عنها وصارت دكاء ملساء ظهرت وبرزت. وقيل: وترى الأرض بارزة أى: تبرز ما فيها من الكنوز والأموات وهو شبيهة بقوله: وترمى الأرض أفلاذ كبدها، وقال بعض النّحويين من أهل البصرة (١) يجوز أن ينصب {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ} بقوله تعالى: {وَالْباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيْرٌ} ... {ثَواباً} فى يوم نسير الجبال.

{وَالْباقِياتُ الصّالِحاتُ} قيل (٢) : الصّلوات الخمس، وقيل (٣) :

سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر. وسمعت القاضى أبا عمران يقول: عزّى رجل بعض الأخلاء بولده فقال: إنّ ابنك كان من زينة الدّنيا، ولو بقى لكان سيّدا مثلك، وإذا استأثر الله به فجعله من الباقيات الصّالحات


(١) هو الزجاج، معانى القرآن وإعرابه: ٣/ ٢٩٢، قال: «ويجوز ان يكون نصبه على:
وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ ... يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ ...
أى: خير فى القيامة من الأعمال التى تبقى آثامها».
(٢) قال ابن الجوزى فى زاد المسير: ٥/ ١٤٩ «رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس وبه قال مسروق وإبراهيم».
(٣) أخرج ابن الجوزىّ فى زاد المسير: ٥/ ١٤٩، والسّيوطى فى الدّر المنثور: ٤/ ٢٢٥ عن أبى هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «إن عجزتم عن اللّيل أن تكابدوه، وعن العدوّ أن تجاهدوه، فلا تعجزوا عن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فقولوهنّ فهنّ الباقيات الصالحات» فقال هذه الكلمات وزاد فيهن ولا حول ولا قوة إلا بالله.