للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجمع أثقل من الواحد، وقوله: {وَعَتَوْا عُتُوًّا} مصدر (١) والمصدر يجرى مجرى الواحد حكما، وإن كان فى اللّفظ مشاركا للجمع، ألا ترى أنّك تقول: قعد قعودا، وقوم قعود.

فإن قيل: «فعتيّا» فى (مريم) أيضا مصدر فلم قلب؟

فقل: ليوافق رءوس الآى، فاعرفه.

فإن قيل: فلم لم يختلف فى قوله (٢): {فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا} فيقرأ «مِضِيا» كما قرئ «بِكِيّا»؟

فالجواب فى ذلك أنّ الاعتلال، والخروج عن الأصل إنّما يكون فى الجمع للعلّة التى أنبأتك بها، و {مُضِيًّا} مصدر، تقول: مضى يمضى مضيّا، ولو كان جمعا لماض لقلت: قوم مضىّ ومضىّ، كما تقول: بكيّ وبكيّ، إنّما قال الله تعالى: {فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا} أى: مضاء، وهذا واضح بحمد الله. وفى حرف عبد الله (٣)، «وقد بلغت من الكبر عسيّا» يقال: للشيخ إذا كبر/ عسا يعسو، وعتا يعتو إذا يبس (٤).

٥ - وقوله تعالى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ} [٩].

قرأ حمزة والكسائىّ، «وقد خلقناك».

وقرأ الباقون: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ} بالتاء.


(١) حجة القراءات لأبى زرعة: ٤٣٩.
(٢) سورة يس: آية: ٦٧.
(٣) هو ابن مسعود. معانى القرآن للفرّاء: ٢/ ١٦٢، وزاد المسير: ٥/ ٢١١.
(٤) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ٢٧٢، والصّحاح واللّسان والتاج: (عسا).