للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«دابّة من الأرض تَكْلِمُهُم» مخففا، أى: تسمهم؛ تجرحهم. تقول العرب:

كلمت زيدا أى: جرحته، وكلّمته من الكلام. وربما قيل فى الجراحة: كلّمته بالتّشديد، ولا يقال: كلمته فى الكلام بالتّخفيف.

٣٠ - وقوله تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ} [٨٧].

قرأ حمزة وحفص عن عاصم: «وكلُّ أتوه دخرين» جعلوه فعلا ماضيا، كما تقول: غزوه قضوه، والأصل: أتيوه، وقضيوه وغزووه، فاستثقلوا الضمّ على الياء والواو فخزلوها، وحذفوا الياء والواو لسكونها وسكون واو الجمع.

وقرأ الباقون: «وكلّ آتوه» بالمدّ على فاعلوه/مثل ضاربوه، والأصل:

آتيونه فذهبت الياء لما أعلمتك، والنون للإضافة. ومددت أول الكلمة، لأنّ الهمزة الأولى فى أوله فاء الفعل، والألف الثانية ألف فاعلين زائدة مجهولة. ولو قرأ قارئ «وكلّ ءاتاه» فوحد جاز، لأنّ «كلّ» له لفظ ومعنى فلفظه التّوحيد ومعناه الجمع، فمن جمع ردّه إلى معناه ومن وحده ردّه إلى لفظه. كما قال (١):

{وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً} فوحّد رد إلى اللفظ. ولو قرأ قارئ «وكلّ آتيه» كان صوابا. غير أنّ القراءة سنة يأخذها آخر عن أول، ولا تحمل على قياس العربية ومن فعل ذلك كان عند العلماء معيبا مبتدعا.

٣١ - وقوله تعالى: {خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ} [٨٨].

قرأ أهل الكوفة بالياء، إخبارا عن غيب. والخبير بالشئ: العالم به من جميع أقطاره، يقال: خبر يخبر فهو خبر مثل فطن، وخبر فهو خابر: إذا عرف أقطار الأرض ومصالح الزّراعة؛ لأنّ الأكّار (٢) يقال له: الخبير. والخبر: المزادة الواسعة.


(١) سورة مريم: آية: ٩٥.
(٢) جاء فى اللّسان: (أكر): « .. والأكّار: الحّراث».