للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١٣ - وقوله تعالى: {لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ} [٨٢].

قرأ عاصم فى رواية حفص: {لَخَسَفَ بِنا} كأنه أضمر الفاعل لخسف الله بهم.

وقرأ الباقون: «لخُسف» على ما لم يسم فاعله وحجتهم ما حدّثنى أحمد عن على عن أبى عبيد، قال: فى حرف عبد الله «لانْخُسِفَ بنا» والخسف فى اللّغة: أن تنقلب الأرض عليه، أو تبتلعه الأرض. من ذلك قوله تعالى:

{فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ} [٨١].

هذه الهاء كناية عن قارون. وكان ابن عمّ موسى، وعالما بالتّوراة فحسد موسى وبغى عليه لكثرة ماله لأنّه أوتى من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أى: لتثقل العصبة، والعصبة الأربعون. وكذلك بلغ من بغيه أن امرأة كانت فى ذلك الزمان (١) وكانت بغيّا فاجرة بذل لها مالا ورغّبها وقال لها: صيرى إلى موسى فى يوم مجلسه، وقولى أن موسى راودنى عن نفسى/فبلغ ذلك موسى عليه السّلام، وأمر الله الأرض أن تطيع موسى، فلمّا صارت إلى المجلس وجدت قارون فى المجلس، فأدركتها العصمة وهابت موسى، وقالت فى نفسها ليس لى يوم توبة أشرف من هذا فقالت: إنّ قارون حملنى على أن أدّعى على موسى ذيت وذيت فقال موسى للأرض: خذيه، فأخذته إلى ساقه، فقال يا موسى سألتك بالله والرّحم، فقال للأرض: خذيه، فابتلعته فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.

فذلك قوله: {فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ} وقرأ شيبة: «فخسفنا بهُ» بضم الهاء. وقد أنبأت بعلّة ذلك فيما سلف من الكتاب.

فأمّا قوله: {وَيْكَأَنَّهُ} [٨٢]، ففيه قولان؛ يكون متصلا، ومنفصلا،


- النعمة بحاجة إلى صيانة وحفظ ولا يصونها ويحفظها ويرعاها إلا شكر المنعم ولَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ اللهم اجعلنا من الشاكرين لنعمك فى السراء والضراء يا ربّ العالمين.
(١) يراجع تفسير القرطبى: ١٣/ ٣١١.