قال أبو علي- رحمه الله-: «وحدّثنا أبو بكر بن الأنبارى، قال: حدثنى أبي، قال: حدثنى أبو محمد ابن سعيد قال: كان يحيى بن طالب سخيا كريما يقرى الأضياف ويطعم الطعام فركبه الدين الفادح فجلا عن اليمامة إلى بغداد ليسأل السّلطان قضاء دينه فأراد رجل من أهل اليمامة الشخوص من بغداد إلى اليمامة فشيعه يحيى بن طالب فلما جلس الرّجل فى الزورق ذرفت عينا يحيى وأنشد يقول: أحقا عباد الله أن لست ناظرا ... إلى قرقرى يوما وأعلامها الغبر إذا ارتحلت نحو اليمامة رفقة ... دعاك الهوى واهتاج قلبك للذّكر أقول لموسى والدّموع كأنّها ... جداول ماء فى مساربها تجرى قال أبو بكر بن الأنبارى: ... فغنّي هارون الرشيد بشعر يحيى بن طالب: أيا أثلاث القاع من بطن توضح ... حنينى إلى أطلالكنّ طويل ويا أثلاث القاع قلبى موكّل ... بكنّ وجدوى غيركن قليل ويا أثلاث القاع قد ملّ صحبتى ... مسيرى فهل فى ظلّكنّ مقيل ألا هل إلى شمّ الخزامى ونظرة ... إلى قرقرى قبل الممات سبيل فأشرب من ماء الحجيلاء شربة ... يداوى بها قبل الممات عليل أحدّث عنك النّفس أن لست راجعا ... إليك وحزنى فى الفؤاد دخيل أريد هبوطا نحوكم فيصدّنى ... إذا رمته دين علىّ ثقيل قال هارون الرشيد: يقضى دينه، فطلب فإذا هو قد مات قبل ذلك بشهر. وللخبر روايات أخرى.