للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقراءة ثالثة: قرأ حمزة وابن عامر: «قواريرَ قواريرَ» بغير ألف، وهو محض العربيّة؛ لأنّ فواعيل لا ينصرف فى معرفة ولا نكرة.

وكان حمزة يقف بغير ألف. ومعنى «قواريرَ من فضّة» [١٦] أى:

هى فى صفاء الفضّة وجوهره ويؤدى ما وراءها كما تؤدى قوارير. ومثله {مِزاجُها كافُوراً} [٥] و {زَنْجَبِيلاً} [١٧] أى: هذا الشّراب فى برد الكافور وذكاء المسك ولذع الزّنجبيل.

وفيه قراءة رابعة: قرأ ابن كثير: «قواريراً قواريرَ» ينون الأول والثّانى بغير ألف، وهو الاختيار؛ لأنّ الأولى رأس آية، وليست الثانية كذلك.

وفيه قراءة خامسة: قرأ أبو عمرو: {قَوارِيرَا} بألف غير منوّن إذا وقف يقف وقفا خفيفا؛ إذ كان رأس آية، والثانى: بغير ألف؛ لأنّه لا ينصرف، وليس رأس آية. فاللّفظ على ما سمعت ابن مجاهد يقرأ: «قواريرا قواريرَ من فضّة قدّروها تقديرا» /ومعنى قدّروها أى: قدروا شرابهم على مقادير ريّهم لا يزيد ولا ينقص، وذلك ألذّ الشّراب، قال ابن جريج ومجاهد: لا يترع فيهراق ولا ينقص فيغيض.

وقال قتادة: قدّر على رىّ القوم، فنسب الفعل إلى الخدام إذا كان جاريا على أيديهم. ومعنى يترع: يملأ، يقال ملأت الإناء فأرهقته، وأترعته، وأفعمته، وأتأقته، وزبرته، وكرتّه، ورعبته، وزعبته: كلّ ذلك إذا ملأته إلى أصباره، الأصبار: واحدها صبر، وهو النّواحى من أعلاه.

وقرأ ابن عبّاس والشّعبى وعبيد بن عمير وعاصم الجحدرى وقتادة وأبو عبد الرحمن وابن أبى أبزى (١) : «قُدِّروها تقديرا» بضمّ القاف، وقال المازنىّ عن الأصمعى عن أبى عمرو: و {قَدَّرُوها} بالفتح، وقال:

«قُدِّروها» محدثة.


(١) ينظر: معانى القرآن للفراء: ٣/ ٢١٧، وتفسير القرطبى: ١٩/ ١٤١، والبحر المحيط:
٨/ ٣٩٧، ٣٩٨. وفى البحر المحيط: «ابن أبزى».