للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوجدت (١) شعرات فى لحيته صلّى الله عليه وسلم كقضبان الفضّة، فلمّا كان ذلك ولا يظهر منه إلا بعد التّفتيش لم يكن شائنا.

والوجه الثّانى: /أنه لم يشب البتّة، ومعنى «شيبتنى» أى: لو كان شئ يشيّب المرء لكانت هذه السّورة. كما قال (٢) : {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى} معناه: لكان هذه القرآن.

ومعنى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} و «انفطرت» و {اِنْشَقَّتِ} لفظه ماض، ومعناه المضارع، لأنّ الله تعالى إذا أخبر بشيء كان واقعا لا محالة، لأنّ الخلف إنّما يقع فى أقوال المخلوقين إذ كانت نواصيهم بيد غيرهم. فالفعل يكون بمعنى المستقبل فى ثلاثة مواضع فى الشّرط والجزاء، وفى أفعال الله تعالى، وفى الدّعاء إذا قلت: رحمك الله، وأطال الله بقاءك فلفظه [ماض ومعناه الاستقبال؛ لأنّه دعاء] (٣) .ومعنى كوّرت: ذهب ضوؤها {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} [٢] انهارت، وتناثرت {وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ} [٣] أى: سيرت من أماكنها، فاستوت بالأرض «وإذا العشار عطلت» [٤] أى: أهملت؛ وذلك أن العشراء من النّوق التى قد أتى عليها من حملها عشرة أشهر النّاقة أحبّ إلى أحدكم من مفروح من الدّنيا. فلذلك قال الله تعالى: {وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ}.

وروى عن ابن كثير: «عُطِلَت» مخففا.

قال: ابن مجاهد وهو خطأ ٤.

فإن سأل سائل فقال: لم اتّفقت القراء على تخفيف {حُشِرَتْ} [٥]


(١) فى الأصل: «وجد».
(٢) سورة الرعد: آية: ٣١.
(٣) مكررة فى الأصل.