للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكلام كما مرَّ في "الأمر الرابع".

الأمر السادس: "أن في كل مذهب قضايا يدَّعي صاحبه فيها البداهة، ومخالفوه ينكرونها. وهو يوجب الاشتباه ورفع الأمان، فلنعدَّ عِدَّةً منها ... ". فذكروا إحدى عشرة قضية، ثم [٢/ ٢١٨] قالوا (١): "وقد أُجيب عنها بأن الجازم بها بديهة الوهم، وهي كاذبة، إذ تحكم بما ينتج نقائضها. قلنا: فيتوقَّف الجزم بها على هذا الدليل فيدور، وأيضًا فلا يحصل الجزم بما لا يتيقن (٢) أنه لا ينتج نقيضه، ولا يتيقن، بل غايته عدم الوجدان".

لم يجب العضد عن هذا الأمر السادس ولا السيد، غير أنه قال (٣) في الجواب عن تلك الأمور كلها: "وأُجيب عن ذلك بأنا لا نشتغل بالجواب عنها، لأن الأوليات مستغنية عن أن يُذَبّ عنها، وليس يتطرق إلينا شك فيها بتلك الشبه التي نعلم أنها فاسدة قطعًا، وإن لم يتيقن عندنا وجهُ فسادها".

أقول: لا ريبَ أن القدح في البديهيات بما يشمل الأوليات لا سبيل إليه، لأن هناك قضايا واضحة متفق عليها، وهؤلاء القادحون لم يدَّعوا ما يناقضها، وإنما حاولوا التشكيك فيها بما لا يُعتدّ به. وذلك كقولنا: "الثلاثة أقلُّ من الستة" و"الشيء أعظم من جزئه"، و"الشيء لا يكون موجودًا معدومًا معًا"، و"الجسم الواحد لا يكون في مكانين في وقت واحد بأن يكون كله في أحدهما وكله في الآخر". لكن الوثوق ببعض البديهيات لا يستلزم الوثوق بجميعها، وقد اعترف بذلك المحتجون بها، فبقي الكلامُ معهم في هذا.


(١) "المواقف" (ص ١٩، ٢٠).
(٢) كذا في (ط). وفي المواقف: "الجزم ما لم يتيقن ... "، وهو المناسب للسياق.
(٣) "شرح المواقف" (١/ ١٨٦).