للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ... } [الأنعام: ٧٥ - ٨٠]. فكان يُحاجُّ قومَه بما هداه الله إليه بنظره.

فإن قيل: لو كانت تلك الثلاث قبل النبوة لذكر معها قوله: هذا ربي، فإن هذه أشدّ.

قلت: قد ذُكِر في بعض الروايات، لكن قيل: إنه خطأ من الراوي (١). وعلى هذا فقد يقال: إنما لم تذكر تلك الكلمة لأنها كانت في الطفولة فيما قاله بعض أهل العلم، وتلك الثلاث كانت بعد البلوغ. وفي هذا نظر، فإن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذباتٍ" يعمُّ الطفولة.

وقد يقال: إنما لم يذكرها لأن إبراهيم لم يُرِد بها الإخبار، وإنما أراد الاستفهام الإنكاري. وهذا القول حكاه ابن جرير عن بعض أهل النظر، وردَّه (٢). وروى عن ابن عباس (٣) ما ينص على أن الكلام على الإخبار، وأن إبراهيم فعل ما يوافق ذلك، ولم يذكر عن أحد من السلف خلافه. ومع هذا فمن مال إلى هذا التأويل من أهل النظر [٢/ ٢٥١] وجَّهوه بأن إبراهيم أراد في نفسه الاستفهام، وأراد في الظاهر إيهام قومه أنه موافق لهم ليكون ذلك


(١) راجع "الفتح" (٦/ ٣٩١).
(٢) انظر "تفسير الطبري" (٩/ ٣٦٠، ٣٦١) ط. دار هجر.
(٣) المصدر السابق (٩/ ٣٥٦) و"تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١٣٢٨، ١٣٢٩) من طريق علي بن أبي طلحة عنه.