أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلنا لا نؤمن إلا بك، ولا نعبد إلا أنت، ولا نخلص إلا لك، ولا نتوكل إلا عليك، ولا نتوجه إلا إليك، ولا نجاهد إلا فيك، {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[البقرة:٢٨٦].
آمين آمين.
وصل اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
أما بعد: فمع المحاضرة الثالثة من المحاضرات الخاصة بقضية فلسطين وعرضنا في المحاضرة السابقة سؤالاً هاماً هو: لماذا نحرر فلسطين؟ في محاولة لتحديد الهدف الذي من أجله تتحرك الطاقات والعقول والأيادي، لماذا نحرر فلسطين؟ ما هي الدوافع وما هي النيات وما هي الحقوق وما هو الطريق؟ وتحدثنا عن ستة اختيارات أو محاور يعتقد في صحة كل منها مجموعة من المسلمين، فصلنا في ثلاثة اختيارات في المرة السابقة الاختيار الأول: هل لأنها إسلامية؟ وقد اخترنا هذا التوجه، ووضحنا أسباب اختياره.
الاختيار الثاني: نحررها لأن فيها القدس، وتحدثنا عن سلبيات هذا الاختيار وعن إيجابياته، وخلصنا أنه مع أهمية القدس إلا أننا لا نحرر فلسطين فقط من أجل القدس، ولكن من أجل كل فلسطين، بل إن الحديث عن القدس فقط قد يؤثر سلباً على قضية فلسطين.
الاختيار الثالث: نحررها لأن بها الأقصى الشريف، وتحدثنا أيضاً عن السلبيات والإيجابيات في هذا الاختيار بتفصيل كبير يرجع له في مكانه، وبقيت لنا ثلاثة اختيارات لم نتحدث عنها ويعتقد في صحتها طائفة كبيرة من المسلمين.
في محاضرة اليوم نتحدث عن هذه الاختيارات الثلاثة الباقية، الاختيار الأول الذي نتحدث عنه اليوم هو الاختيار الرابع من الاختيارات المطروحة في المحاضرة السابقة، وهو: هل نحرر فلسطين لكونها عربية ونحن عرب.
ولعل هذا الاختيار هو الأكثر شيوعاً عند عموم المقاتلين من أجل القضية الفلسطينية، وهو الاختيار الذي تتولاه معظم دوائر الإعلام العربية، ومعظم الهيئات الرسمية في مختلف بلاد العالم العربي.
والحق أني أرى أن هذا الاختيار هو منطلق خطير يغير كثيراً من الفهم الصحيح للقضية، ويضعف كثيراً من أوراق الضغط عندنا، بل ويتمشى تماماً مع المؤامرة الفكرية التي يتولاها الغرب والشرق ومن خدع بقولهم من المسلمين حتى لو كان هؤلاء المطالبون يطالبون بكامل فلسطين، ولكن من منطلق أنها عربية فهذا شيء غريب، مع أنه يمكن أن نأخذ كل فلسطين تحت هذا المنطلق، إلا أن هذا الأمر سيؤدي إلى كارثة كبيرة بأرض فلسطين، ونتذكر هنا ما قلناه في المحاضرة الأولى من أن بعض أخطاء الفهم قد تسقط الأمم.
تعالوا بنا نرى ما هي عيوب الاختيار الذي نحن بصدده الآن.