للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بروز مشروع روزفلت لمنح اليهود وطناً قومياً على أرض فلسطين

حدث آخر حدث في سنة ١٩٤٥م بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهو ما يسمى في التاريخ بمشروع روزفلت، وروزفلت هو الرئيس الأمريكي المنتصر، قدّم مشروعاً للملك عبد العزيز ملك السعودية آنذاك، يضع له في هذا المشروع حلاً لقضية فلسطين، هذا المشروع وإن لم ير النور إلا أنه يثبت ما حللناه سابقاً من أن أمريكا بدأت تتسلم ميراث إنجلترا في المنطقة، وبدأت تحمل على أكتافها مهمة إنشاء الدولة اليهودية، ماذا قدّم الرئيس الأمريكي روزفلت للملك عبد العزيز؟ عرض عليه أن يجعله زعيماً للعرب، يريد أن يكرر ما فعله الإنجليز مع الشريف حسين، وليست الزعامة فقط، بل ويعطيه عشرين مليون جنيه إسترليني على أن يساعد في ترحيل كل عربي فلسطيني، وإعلان فلسطين بكاملها وطناً لليهود، وقال روزفلت: إن القضية إنسانية في المقام الأول، حيث تتعلق بإنقاذ اليهود الذين لاقوا أهوالاً لا توصف على يد الألمان.

ومن الواضح طبعاً أن الرئيس روزفلت يتصرف بحماقة وسذاجة لا تتفق مع منصبه، ولكن يبدو أنه كان حديث عهد بسيادة، فلا يُدرك حكمة القول والفعل، المهم ماذا كان رد الملك عبد العزيز على هذا العرض الوقح من روزفلت؟ الحق أنه رد رداً قصيراً لطيفاً حكيماً مفحماً قال له: أعطوهم أملاك الألمان الذين اضطهدوهم.

وهذا في منتهى الذكاء إذا كانت فعلاً القضية إنسانية، وإذا كان فعلاً الألمان قد عذّبوا اليهود، وإذا كانت ألمانيا قد هُزمت وأُخذت كل أرضها لتوزع على الحلفاء، فلماذا لا تقتطعون قطعة من هذه الأرض الواسعة وتعطوها لليهود، أم أن وراء الأمور أمور، وانتهى مشروع روزفلت بذلك والحمد لله، لكنه أثبت أن أمريكا من سنة ١٩٤٥م وهي تسعى إلى تحقيق دولة لليهود في فلسطين.

<<  <  ج: ص:  >  >>