إذا أردنا أن نتحدث عن دور المسلمين عموماً في حل قضية فلسطين حلاً على سنة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا بد من دراسة المؤامرة الضخمة الكبيرة المرتبة والخطيرة التي تدبر للإسلام وأهله، وتدبر بالتبعية لفلسطين، مؤامرة ذات جذور قديمة وطرق عديدة، وهي ذات المؤامرة التي حيكت للمسلمين على مدار العصور، منذ بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الآن وحتى يوم القيامة، وعلى المسلمين أن ينتبهوا قبل أن أشير إلى هذه المؤامرة، أود فقط أن أشير إلى أنه ليس كل ما يصيب المسلمين يكون ناتجاً بالإجمال عن مؤامرة، فكثيراً ما يصاب المسلمون نتيجة تقصيرهم وإهمالهم لواجباتهم، فهي أشياء تكون مدبرة، لكن لضعف المسلمين تفلح هذه التدبيرات في إتيان مفعولها.
مثلاً رجل يضيع صلاة الفجر كل يوم، نعم هناك جزء من المؤامرة أن يسهر حتى الساعة الثانية أو الثالثة، ثم ينام قرب الفجر فيضيع صلاة الفجر، فهو ولا شك في ذلك مخطئ، وعليه جانب كبير من التقصير، لكن ليست هي المؤامرة وحدها، مع أنني أعتقد أنه من الصعب جداً أن تفلح مؤامرة في دحر المسلمين أو هزيمتهم، إلا إذا كان المسلمون ضعفاء، نعم، لا ينصر الكافرون على المسلمين إلا بضعف المسلمين، وسيأتي إن شاء الله تفصيل لذلك في نهاية المحاضرات، لكن هذا لا يمنع من دراسة المؤامرة التي دبرها أعداء المسلمين بعناية، ولا بد للمسلمين أن يحذروا، هذه المؤامرة متنوعة ومتعددة، مؤامرة في كل المجالات، وهي مع ذلك متزامنة.
مؤامرة على سبيل المثال سياسية عن طريق المفاوضات، والسفارات، والأحلاف، والهيئات، والقرارات، هناك مؤامرة عسكرية عن طريق الجيوش والصواريخ والطائرات والبوارج وإف١٦ وأباتشي وغيرها، مؤامرة اقتصادية عن طريق الحصار الاقتصادي وفرض القيود الاقتصادية، وتحديد سلع معينة للإنتاج، وتبوير الأراضي، مؤامرة تفريقية يفرقون فيها بين أقطار المسلمين عن طريق مؤامرات بين الشعوب، فلا تجد بلداً إلا وتختلف مع جارتها على الحدود والأفكار، مؤامرة أخلاقية عن طريق تمييع أخلاق المسلمين بالإعلام والدش والإنترنت والتلفزيون والصحف الصفراء والخضراء والبيضاء، كل أنواع الصحف، مؤامرة فكرية عن طريق تغيير أفكار المسلمين، وتبديل المعايير الصحيحة، وقلب الموازين العادلة، كل هذه المؤامرات مجتمعة وتجري في وقت واحد متزامن، وكل هذه المؤامرات خطيرة وقاتلة.