للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تحرير أرض فلسطين لا يكون إلا ببذل الدماء الزكية]

أولاً: قد يقول قائل: أليس هناك طريقة لتحرير فلسطين من غير الدماء الكثيرة التي تبذل؟ وسبحان الله! الإجابة بمنتهى الأسف: لا، لا يمكن، سنة من سنن الله في الأرض أن الشعوب لا تحرر إلا بالدماء والتضحيات والبذل والعطاء، كل الشعوب حتى الشعوب غير الإسلامية، فيتنام لم تحرر من العدوان الأمريكي إلا بعد أن بذل شعب فيتنام دماءه من أجل تحرير أرضه، وهم ليسوا أصلاً على ملة من الملل، ولا يرجون أجراً ولا ثواباً، لكن ثمن الحرية عظيم، ولا يمكن أبداً أن يأخذ الناس حقوقهم من الطواغيت والجبابرة والمحتلين حول طاولة مفاوضات، فلو قعد الفيتناميون مع الأمريكان ألف سنة حول طاولة المفاوضات ما خرج الأمريكان من أرضهم، ولو قعد الليبيون مع الإيطاليين ألف سنة حول طاولة مفاوضات ما خرج الإيطاليون من ليبيا، ولو قعد الجزائريون مع الفرنسيين ألف سنة حول طاولة المفاوضات ما خرج الفرنسيون وهكذا.

فلماذا ستشذ فلسطين عن القاعدة؟! لماذا يعتقد المفاوضون الفلسطينيون أن إسرائيل سوف تعطيهم حقاً حول طاولة مفاوضات، مع أنهم يعلمون أن اليهود أخس وأنذل ألف مرة من المحتلين السابقين سواء كانوا أمريكاناً أو إنجليزاً أو إيطاليين، وقد يقول قائل: مصر أخذت أرضها بالسلام، وأخذت سيناء بالسلام.

سأقول له أيضاً: لا، فإن مصر بذلت الدماء الزكية في أكتوبر سنة ١٩٧٣م وبذلك حركت الأمور خطوة، كما أن الجزء الذي حررته مصر بالسلاح تستطيع أن تدافع عنه بالسلاح، أما الجزء الذي أخذته مصر بالسلام في كامب ديفيد للأسف جزء ضعيف وهزيل، وليس فيه جيش مصري يدافع عنه، وهذا من العيوب الخطيرة في كامب ديفيد، وسيأتي الحديث عن ذلك بالتفصيل إن شاء الله في محاضرة لاحقة.

ليس معنى هذا: أننا ضد السلام بل على العكس: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأنفال:٦١]، لكن لا يكون الدين أبداً ثمناً للسلام، ولابد للسلام أن يرد الحقوق كاملة لأصحابها، وأول الحقوق هو حق الله عز وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>